للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَزَزْتُكُمْ لَو كانَ فيكُم مَهزةٌ ... وَذَكَرْتُ ذا التَّأْنِيثَ فَاسْتَنْوَقَ الْجَمَلُ (١)

ومما اتفق لي في هذا المثل: أني لمَّا ابتليت بحسد الشيخ شمس الدين بن المنقار في أوان الطلب، وكان له تعرض للناس، فداريته بقصيدة جاء فيها قولي: [من مجزوء الرجز]

يا شمسَ دِينِ اللهِ، يا ... مَنْ قَدْ عَلا شَمْسَ الْفَلا

فلمَّا عرضتها عليه قبلها وشكر عليها، ثم بعد شهر أو أكثر جرت بيننا وبينه قصة آلتْ إلى أن ناظرته فيما ظهرت فيه الحجة عليه، فشرع يعترض على ما مدحته به، ويذم، ويدعي فيه سوء التركيب، فقلت: [من الطويل]

أتيْتُكَ يَوْمًا مَادِحًا لَكَ مُطْرِبًا ... وَلَمْ أَخْشَ قَوْلَ النَّاسِ عَنِّي لِمَ فَعَلْ

فَنافَقْتَنِي بِالشُّكْرِ حِينَ قَبِلْتَ ما ... أتيْتُ بِهِ نَظْماً عَلى الدُّرَرِ اشْتَمَلْ

وَبَعْدَ زَمانٍ قُلْتَ عَنْهُ بِأنَّهُ ... مَعِيبُ الْمَعانِي ثُمَّ فِي وَزْنهِ خَلَلْ

فَقُلْتُ لِنَفْسِي إِنَّنِي أَسْتَحِقُّ ما ... تَقُولُ وَإِنْ بالغْتَ فِي القَوْلِ وَالعَذلْ

وَما ذاكَ إِلاَّ أَنْ وَصَفْتُكَ كاذِباً ... بِشَمْسٍ، وَلَمْ أَعْلمِ بِأَنَّكَ ذُو عِلَلْ

وَما الشَّمْسُ إِلاَّ مَنْ يُضِيْءُ بِنُورِهِ ... وَلَمْ يَكُ ذا لُؤم كَمِثْلِكَ أَوْ خَطَلْ

فَإِنَّي وَضَعْتُ الشَّيْءَ غَيْرَ مَحَلِّهِ ... وَذَكَّرْتُ ذا التَّأْنِيثَ فَاسْتَنْوَقَ الْجَمَل


(١) انظر: "المستقصى في أمثال العرب" للزمخشري (١/ ١٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>