للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وروى ابن مردويه عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: رحم الله تعالى نساء الأنصار! لما نزلت: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ} [الأحزاب: ٥٩] الآية؛ شققن مروطهن فاعتجرن بها، فصلين خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كأن على رؤوسهن الغربان (١)؛ أي: من سواد القناعات.

شبهت رؤوسهن بما عليها من سواد القناعات بالغربان.

ووقع في كلام أم سلمة هذا المعنى، وأشارت إلى معنى آخر في قولها: كأن على رؤوسهن الغربان، وهو إيثار السكينة في مشيهن كما تقول: كان فلان يمشي في سكينة كأن على رأسه الطير؛ إن كان يخاف أن يطير طائر هذا على رأسه من حركته، فهو يتحرك حركة لطيفة بسكينة.

* تَنْبِيهٌ:

ما وقع في أثر أم سلمة، وعائشة رضي الله تعالى عنهما من تشبيه رؤوس النساء في سواد القناعات بالغربان دليلٌ على استحباب مبالغة المرأة في التستر؛ فإن نساء الأنصار إنما آثرن القنع السود لأن السواد أبلغ في الستر، ونساء مكة والمدينة وما والاهما إلى الآن يتلفعن بالسواد، ويرتدين به لذلك، وليس في الأثر دليل على جواز ما تعتاده النسوة من إلقاء القناع الأسود فوق أرديتهن البيض الآن عند المصيبة


(١) انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (٦/ ٦٦٠)، وروى شطره الأول البخاري (٤٤٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>