للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الاختلاف في مسائل الاجتهاد فإنه سبب لاستخراج الحقوق والفرائض، وظهور دقائق الشريعة، ولم تزل الصحابة والعلماء بعدهم مختلفين في أحكام الحوادث، وهم مع ذلك متواصلون (١).

وفي الحديث: "اخْتِلافُ أُمَّتِي رَحْمَةٌ" كما نقله خلائق من العلماء؛ منهم الشيخ نصر المقدسي، والحليمي، والبيهقي، وإمام الحرمين (٢).


(١) قال ابن قدامة المقدسي في "لمعة الاعتقاد" (ص: ٣٥): أما النسبة إلى إمام في فروع الدين، كالطوائف الأربعة فليس بمذموم، فإن الاختلاف في الفروع رحمة، والمختلفون فيه محمودون في اختلافهم، مثابون في اجتهادهم، واختلافهم رحمة واسعة، واتفاقهم حجة قاطعة.
(٢) قال المناوي في "فيض القدير" (١/ ٢١٢): قال السبكي: وليس هذا الحديث بمعروف عند المحدثين، ولم أقف له على سند صحيح ولا ضعيف ولا موضوع. وأسنده في "المدخل"، وكذا الديلمي في "مسند الفردوس" كلاهما من حديث ابن عباس مرفوعا بلفظ "اختلاف أصحابي رحمة"، قال الحافظ العراقي: سنده ضعيف. وقال ولده أبو زرعة: رواه أيضاً آدم بن إياس في كتاب العلم والحلم بلفظ "اختلاف أصحابي لأمتي رحمة"، وهو مرسل ضعيف. وفي "طبقات ابن سعد" عن القاسم بن محمد نحوه. وأخرج البيهقي في "المدخل" عن القاسم بن محمد، أو عمر بن عبد العزيز: لا يسرني أن أصحاب محمد لم يختلفوا، لأنهم لو لم يختلفوا لم تكن رخصة. قال الإمام النووي في "شرح مسلم" (١١/ ٩٢): لا يلزم من كون الشيء رحمة أن يكون ضده عذاباً، قال الخطابي: والاختلاف في الدين ثلاثة أقسام؛ أحدها في إثبات الصانع ووحدانيته، وإنكار ذلك كفر، والثاني: في صفاته ومشيئته وإنكارها بدعة، والثالث: في أحكام الفروع المحتملة وجوهاً، فهذا جعله الله تعالى رحمة وكرامة للعلماء.

<<  <  ج: ص:  >  >>