للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كان ابن جدعان في أعلى طبقات العبودية، ومع ذلك لم ينفعه شيئًا على كفره.

وفيه يقول أمية بن أبي الصلت كما رواه الدينوري: [من الوافر]

أَأَذْكُرُ حاجَتِي أَمْ كَفانِي ... حَياؤُكَ إِنَّ شِيْمَتَكَ الْحَياءُ

إِذا أثنَى عَلَيْكَ الْمَرْءُ يَوْمًا ... كَفاهُ مِنْ تَعَرُّضِهِ الثَّناءُ

كَرِيْمٌ لا يُغَيِّرُهُ صَباحٌ ... عَنِ الْخُلُقِ الْجَمِيلِ وَلا مَساءُ

يُبارِي الرِّيحَ مَكْرُمَةً وَجُوداً ... إِذا ما الضَّبُّ أَجْحَرَهُ الشِّتاءُ

فَأَرْضُكَ كُلُّ مَكْرُمَةٍ بَنَاها ... بَنُو تَيْمٍ وَأَنْتَ لَها سَماءُ (١)

وقد يكون في أعمال الجاهلية ما يوافق الحق من غير قصد؛ كتعظيم الحرم والأشهر الحرم، والسعي بين الصفا والمروة، وسَوق الهدايا إلى البيت الحرام، وتقليدها، ثم جاء الحق بتقريره.

وقد يكون في أعمالهم ما لو نقضته الشريعة لأدى إلى فساد عظيم كأنكحة الجاهلية، وأخلاقهم، وقسمهم، فيكون حكم الشرع تقريره حسماً للفساد، ثم لا يجوز التشبه بهم في ابتدائه؛ إذ لا ضرورة تدعو إليه لاستغنائنا بما جاءت الشريعة بأبلغ منه، أو أكمل، كما روى أبو داود، وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كُلُّ قَسْمٍ قُسِمَ فِي الْجاهِلِيَّةِ فَهُوَ عَلى قَسْمِ ما قُسِمَ،


(١) رواه الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم" (ص: ١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>