للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنهما: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "اِخْتَضِبُوا وَافْرُقُوْا، وَخَالِفُوا اليَهُودَ" (١).

ثم لو فرضنا أن موافقته لهم فيما لم يؤمر فيه بشيء لم ينسخ، فلنا أن نقول: إنَّه -صلى الله عليه وسلم- هو الذي كان له أن يوافقهم لأنه يعلم حقهم من باطلهم، ونحن نوافقه ونتَّبعه.

فأمَّا نحن فليس لنا أن نأخذ عنهم شيئاً من الدين، لا من أقوالهم ولا من أفعالهم.

وأمَّا موافقته -صلى الله عليه وسلم- لليهود في صوم عاشوراء فقد كان -صلى الله عليه وسلم- يصومه قبل أن يهاجر إلى المدينة، فلما هاجر صامه وأمر بصيامه، كما ثبت في "الصحيحين" من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها (٢).

وأيضاً فقد روى ابن أبي شيبة بسند صحيح، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قالَ رسول اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "صُوْمُوا يَوْمَ عَاشُورَاءَ؛ يَومٌ كَانَتِ الأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ تَصُوْمُهُ، فَصُومُوْهُ" (٣).

فصام النبي -صلى الله عليه وسلم- عاشوراء، ولم يكن لموافقة اليهود، بل كان لموافقة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، حيث أعلمه الله تعالى أنهم كانوا يصومونه، ولذلك قال كما في حديث ابن عباس: "نَحْنُ أَحَقُّ


(١) رواه ابن عدي في "الكامل" (٢/ ١٩٥) عن الحارث بن عمران الجعفري، وقال: الضعف بين على رواياته.
(٢) رواه البخاري (١٨٩٨)، ومسلم (١١٢٥).
(٣) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٩٣٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>