للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النظر في آثارهم والاستماع إلى أخبارهم، بحيث يتسبب عنه الانزجار عمَّا كانوا عليه من الكفر والظلم والاغترار خشية أن يصيبهم ما أصابهم، فهي تتضمن الزجر عن التشبه بهم في أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم.

وروى الشيخان عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "خَالِفُوْا الْمُشْرِكِيْنَ؛ احْفُوْا الشِّوَارِبَ، وَاعْفُوْا اللِّحَى" (١).

وروى ابن أبي شيبة عنه - موقوفًا - قال: خالفوا سنن المشركين (٢)؛ أي: طرائقهم وأعمالهم.

وروى الإمام الحافظ أبو حفص بن شاهين في "مسنده"، والديلمي عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تَقَرَّبُوْا إِلَى اللهِ بِبُغْضِ أَهْلِ الْمَعَاصِيْ، وَالْقُوْهُمْ بِوُجُوْهٍ مُكْفَهِرَّةٍ، وَالْتَمِسُوْا رِضَى اللهِ بِسُخْطِهِمْ، وَتَقَرَّبُوْا إِلَى اللهِ بِالتَّبَاعُدِ عَنْهُمْ" (٣).

وإنما أمرنا ببغضهم إيذانا ببغض أعمالهم والتنزه عنها، وكي لا يألفونا ونألفهم فتتسارق الطَّباع.

والتباعد عنهم إنما المقصود منه التباعد عن أخلاقهم وأعمالهم.

والوجوه المكفهرة هي العابسة عند لقائهم، فالعبوس في وجوه


(١) رواه البخاري (٥٥٥٣)، ومسلم (٢٥٩).
(٢) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٣٤٦٤٩).
(٣) رواه الديلمي في "مسند الفردوس" (٢٣٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>