للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد استدل بعض العلماء بهذه على وجوب اتباع شرائع الأنبياء عليهم السلام فيما عدم فيه النص، كما في "صحيح مسلم"، وغيره أن ابنة الرَّبِيع أم حارثة جرحت إنساناً، فاختصموا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "الْقِصاصُ الْقِصاصُ"، فقالت أم الربِيع: أَيقتصُّ من فلانة! والله لا يقتصُّ منها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "سُبْحَانَ اللهِ يَا أُمَّ الرَّبِيع الْقِصَاصُ كِتابُ اللهِ"، قالت: والله لا يقتصُّ منها أبداً، فما زالوا حتى قَبِلَ الدِّية، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ مِنْ عِبادِ اللهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَىْ اللهِ لأَبَرَّه" (١).

فأحال - صلى الله عليه وسلم - على قوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: ٤٥] إلى قوله: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: ٤٥].

وليس في كتاب الله تعالى نص على القصاص في السِّن إلا في هذه الآية، وهي خبر عن شرع التوراة، ومع ذلك فحكم بها، وأحال عليها؛ ذكره القرطبي، ثم قال: وإلى هذا ذهب معظم أصحاب مالك، وأصحاب الشافعي.

قال: وخالف في ذلك كثير من أصحاب مالك، وأصحاب الشافعي، والمعتزلة؛ لقوله تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: ٤٨].


(١) رواه البخاري (٢٥٥٦)، ومسلم (١٦٧٥) واللفظ له، قال ابن الأثير في "جامع الأصول" (١٠/ ٢٧١): هذا الحديث أخرجه الحميدي في المتفق، وكأن كل واحد من روايتي البخاري ومسلم منفردة، - وذكر الاختلاف ثم قال: - وهذا اختلاف كثير وحيث جعلهما حديثًا واحداً اتبعناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>