للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر الحافظ المزي في "تهذيب الكمال" عن محمد بن عيسى الزجاج قال: سمعت أبا عاصم - يعني: النبيل - يقول: من طلب هذا الحديث فقد طلب أعلى الأمور؛ فيجب أن يكون خير الناس (١).

وروى مسلم عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خَيْرُ الْمُسْلِمِيْنَ مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ وَيدهِ" (٢).

وكان الشيخ العارف بالله سيدي علي بن ميمون المغربي رحمه الله تعالى يفهم أن (من) في الحديث المذكور للسببية؛ أي: من سلم المسلمون بلسانه بالتعليم، والتأديب، والنصيحة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وييده بالتأديب، والذب عن المسلمين في الجهاد، ودفع الصائل، وإزالة المنكر، وقيادة الأعمى، وتنحية الأذى عن الطريق، وغير ذلك.

وهذا الفهم في غاية اللطف، وإن كان خلف المتبادر من الحديث.

وروى الإمام أحمد في "الزهد" عن أبي قلابة رحمه الله: أنه قيل للقمان عليه السلام: أي الناس أعلم؟ قال: من ازداد من علم الناس إلى علمه، قال: فأي الناس أغنى؟ قال: الذي يرضى بما يؤتى، قيل: فأي الناس خير؟ قال: المؤمن الغني، قال القوم: من المال؟ قال: لا، بل من العلم؛ فإن احتاجوا إليه وجدوا عنده علماً، وإن لم يحتج


(١) انظر: "تهذيب الكمال" للمزي (١٣/ ٢٨٨). ورواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٢٤/ ٣٦٥).
(٢) رواه مسلم (٤٠)، وكذا البخاري (١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>