قال: فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَا أَبْقَيْتَ لأَهْلِكَ؟ "، قلت: مثله.
وأتى أبو بكر - رضي الله عنه - بكل ما عنده، فقال:"يَا أَبَا بَكْرٍ! مَا أَبْقَيْتَ لأَهْلِكَ؟ "، فقال: أبقيت لهم الله ورسوله، قلت:"لا أسبقه إلى شيء أبداً"(١).
وروى أبو الحسن علي بن الحسين الخلعي في "فوائده" عن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق - رضي الله عنهما -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلَّى الصبح، فلما صلى صلاته قال:"أَيُّكُمْ أَصْبَحَ اليَوْمَ صَائِمًا؟ " فقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: أما أنا يا رسول الله بتُّ لا أحدث نفسي بالصوم، وأصبحت مفطراً، فقال أبو بكر - رضي الله عنه -: أنا يا رسول الله بتُّ الليلة وأنا أحدث نفسي بالصوم، فأصبحت صائما، قال:"فَأَيُّكُمْ عَادَ اليَوْمَ مَرِيْضًا؟ " فقال عمر: يا رسول الله! إنما صلينا الساعة ولم نبرح، فكيف نعود المريض؟ فقال أبو بكر: أنا يا رسول الله؛ أخبروني أن أخي عبد الرحمن بن عوف وجع فجعلت طريقي عليه، فسألت به، ثم أتيت المسجد، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فَأَيُّكُمْ تَصَدَّقَ اليَوْمَ صَدَقَةً؟ " فقال عمر: يا رسول الله! ما برحنا معك منذ صلينا، أو قال: ما برحنا منذ صلينا، فكيف نتصدق؟ فقال أبو بكر - رضي الله عنه -: أنا يا رسول الله؛ لما جئت من عند عبد الرحمن دخلت المسجد فإذا سائل يسأل، وابن لعبد الرحمن بن أبي بكر معه كسرة خبز، فاجتذبتها،
(١) رواه أبو داود (١٦٧٨)، والترمذي (٣٦٧٥) وقال: حسن صحيح.