للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فحقيقة الصديقية استكمال الإحسان، وهذا مجموعه إلا أن عماده اليقين، فهو أول العبادة وآخرها، كما قال تعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (٩٩)} [الحجر: ٩٩].

وبه كان فضل أبي بكر - رضي الله عنه - كما قال بكر بن عبد الله المزني رحمه الله: ما فُضِّل أبو بكر الناس بكثرة صلاة، ولا بكثرة صيام، ولكن بسِرٍّ (١) وقر في صدره. رواه الحكيم الترمذي في "نوادره" (٢).

وذلك السر هو اليقين، وما [يتشعَّب] (٣) منه من طاعات القلب، وهو شيء عزيز، وجوهر نفيس، وأَهْلُوه أفرادٌ في الناس.

روى ابن عبد البر عن معاذ - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَا أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى شَيْئاً أقلَّ مِنَ اليَقِيْنِ، وَلا قَسَّمَ بَيْنَ النَّاسِ شَيْئاً أَقَلَّ مِنَ الحِلْمِ" (٤).

وقد ختم الله تعالى به أوصاف المتقين بقوله: {وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} [البقرة: ٤]، ثم قال: {أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [البقرة: ٥]؛ أي: أولئك الذين أول أحوالهم التقوى، وآخر أمرهم اليقين، على هدى من ربهم، وبصيرة من ثوابه، وأولئك هم الباقون في الخير، الدائمون في السعادة.


(١) في "نوادر الأصول": "بشيء" بدل "بسر".
(٢) رواه الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" (٣/ ٥٥).
(٣) غير واضح في "م"، والمثبت من "ت".
(٤) رواه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" (١/ ١٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>