للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وضع على يده بكى [وردَّ الإناء] (١)، وانتحب، فما زال يبكي حتَّى بكى من حوله، فسألوه: ما الذي هيجك على البكاء؟ فقال: كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وجعل يدفع عنه شيئاً: "إِلَيْكِ عَنِّيْ، إِلَيْكِ عَنِّيْ"، ولم أرَ معه أحداً، فقلت: يا رسول الله! أراك تدفع شيئاً ولا أرى معك أحداً؟ فقال: "هَذهِ الدُّنْيَا مُثِّلَتْ لي بِمَا فِيْهَا، فَقُلْتُ لَهَا: إِلَيْكِ عَنِّيْ، فتنَحَّتْ، ثُمَّ رَجَعَتْ، فَقَالَتْ: أَمَا وَاللهِ إِنْ أفلَتَّ مِنِّي فَلَنْ يَتَفَلَّتَ مِنِّي مَنْ بَعدَكَ" فَخَشِيْتُ أَنْ تَكُوْنَ لَحِقَتْنَا، فَذَاكَ أَبْكَانِيْ (٢).

وروى الحاكم في "التاريخ"، والعسكري في "المواعظ" عن الأصمعي رحمه الله قال: كان أبو بكر - رضي الله عنه - إذا مدح قال: اللهم أنت أعلم مني بنفسي، وأنا أعلم بنفسي منهم، اللهم اجعلني خيراً مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون، ولا تؤاخذني بما يقولون (٣).

وروى ابن حبان (٤) في "روضة العقلاء" عن ابن شهاب رحمه الله تعالى: أنَّ أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - قال يوماً وهو يخطب: استحيوا من الله حق الحياء؛ فوالله ما خرجت لحاجة منذ بايعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[أريد


(١) زيادة من "حلية الأولياء".
(٢) رواه الحاكم في "المستدرك" (٧٨٥٦)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (٦/ ١٦٤) واللفظ له، والبيهقي في "شعب الإيمان" (١٠٥١٨).
(٣) ورواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٣٠/ ٣٣٢).
(٤) في "م": "جبهان" بدل "حبان".

<<  <  ج: ص:  >  >>