للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فوائد هذا الحديث: أنَّ من أحوال الأبرار إيثار العزلة والوحدة؛ فإنَّ الخفاء أبلغ ما يكون بها.

روى ابن أبي الدنيا عن الفيض بن إسحاق قال: ذكر عند حذيفة المرعشي الوحدة وما يكره منها، فقال: إنما يكره ذلك للجاهل، فأمَّا عالم يعرف ما يأتي فلا.

وقال: ما أعلم من أعمال البر أفضل من لزومك بيتك، ولو كانت لك حيلة لهذه الفرائض لكان ينبغي لك أن تحتال لها (١).

وسبق أن ابن أبي الدنيا روى عن مالك بن دينار قال: كان الأبرار يتواصون بثلاث: سجن اللسان، والاستغفار، والعزلة (٢).

والمراد الاعتزال عن عموم الخلق اشتغالاً بالله تعالى إلا قدر الضرورة، وكلما خاف من أحد فتنة في دينه تعين الفرار منه، ومن ثم ورد التحذير من الدخول على الأمراء؛ لأن فتنتهم أشد، خصوصًا في هذه الأعصار.

وقد روى أبو نعيم عن فضيل بن جعفر: أنَّ الحسن خرج من عند ابن هبيرة، فإذا هو بالقراء على الباب، فقال: ما يجلسكم ها هنا؟ تريدون الدخول على هؤلاء الخبثاء؟ أما والله ما مجالستهم بمجالسة الأبرار، تفرقوا فرق الله بين أرواحكم وأجسادكم، فرطحتم نعالكم، وشمرتم


(١) رواه ابن أبي الدنيا في "العزلة والانفراد" (ص: ١٤٣).
(٢) رواه ابن أبي الدنيا في "العزلة والانفراد" (ص: ١٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>