للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكل شيء يوجب القسوة، أو يكون ناشئاً عنها، فليس من أخلاق الأبرار، ولا من أعمالهم.

وأما ما رواه أبو عبيد القاسم بن سلام، وأبو نعيم بإسناد صحيح، عن أبي صالح قال: لما قدم أهل اليمن في زمن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - فسمعوا القرآن، فجعلوا يبكون، قال أبو بكر الصديق: هكذا كنا، ثم قست القلوب (١).

فقال أبو نعيم: معنى قوله: قست القلوب: قويت، واطمئنت لمعرفة الله تعالى (٢).

وأصل القسوة الصلابة، ثم استعيرت لفساد القلب وبعده عن الخير.

أو هو من: قسا الدرهم: إذا ذاق، فهو قسي.

فالقساوة في كلام أبي بكر - رضي الله عنه - بمعنى صلابة القلب للخير لا عن الخير، فالقساوة المذمومة صلابته عن الخير، قال تعالى لبني إسرائيل: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [البقرة: ٧٤].

قال ابن عباس: أي: إن من الحجارة لألين من قلوبكم عما تدعون


(١) رواه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (١/ ١٥٤)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (١/ ٣٤).
(٢) انظر: "حلية الأولياء" لأبي نعيم (١/ ٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>