تقتل به حراً، وإذا قتلت منها أنثى، لا ترضى إلا أن تقتل بها رجلاً. وبتحرِّي قصد الشارع من القصاص يستبين أن الجماعة التي تشترك في قتل الواحد حقيقةٌ بأن تؤخذ به قصاصاً؛ حتى لا يتوسل إلى قتل أفراد كثيرة بأيدي جماعة تجمع أمرها، وتخوض بسلاحها مشتركة في سفك دماء معصومة واحداً بعد آخر.
وردت هذه الجملة حديثاً عن إسقاط ولي المقتول القصاصَ عن القاتل، وإعطاء القاتل لولي المقتول الديةَ بدلَ القصاص، فقال تعالى:{فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ} عفي: من العفو، وهو الإسقاط، ومن عفي له: هو القاتل، و {أَخِيهِ}: ولي المقتول، و {شَيْءٌ}: القصاص، وهو مفعول به ناب عن فعل عفي، وهذا الوجه من الإعراب هو الموافق لما عرف به القرآن الكريم من حسن البيان، ومعنى هذه الجملة المصوغة في طريق الإيجاز: أن ولي المقتول أسقط القصاص راضياً بأخذ الدية، وفي هذا الحال يكون شأن ولي المقتول طلب الدية، وشأن القاتل أداؤها، فجاء قوله تعالى:{فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} وصيةً لولي المقتول بأن يتبع القاتل عند طلب الدية بالمعروف؛ أي: يرفق في الطلب، وينتظره في حال عسرة إلى ميسرة، وجاء قوله:{وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} وصيةً منه تعالى للقاتل بأن يؤدي الدية بإحسان؛ أي: لا يمطل بها، ولا يبخس منها.
ويصح حمل العفو على معنى العطاء، وهو معنى معروف في كتب اللغة، وجرى عليه بعض كبار العلماء في تفسير الآية، والمعنى: فمن أعطِي، وهو ولي المقتول، من أخيه، وهو القاتل، شيئاً، وهو الدية، فعلى ولي المقتول