للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيهم: قتل القاتل عقوبة له على القتل، مع مراعاة المساواة التي تتقرر بتقدير الشارع الحكيم. وإنما يفرض القصاص عند القتل الواقع على وجه العمد والعدوان، وحيث يطالب به أولياء القتيل.

وصدرت الآية بخطاب: {الَّذِينَ آمَنُوا} تقوية لداعية إنفاذ حكم القصاص، فكأنه يقول: إن معكم من الإيمان ما يمنعكم من التهاون بإقامة هذا الواجب؛ فإن المؤمن الصادق يحرص على أن يسد الأبواب في وجه كل فتنة تحل عرا الألفة والمودة بين الأفراد والجماعات، وتلقي بحبل الأمن في اضطراب واختلال.

والقرآن الكريم يوجه الخطاب في عقوبات الجنايات كالقصاص إلى الأمة على أن يقيمها الرئيس الأعلى، أو من ينوب عنه. وتوجيه الخطاب إلى الأمة يُشعرها بأن عليها جانباً من التبعة إذا أهمل أولو الأمر هذه العقوبات، أو لم يقيموها على حق، ويشعرهم بأنهم مطالبون بعمل ما يساعد الحكام على وضع العقوبات في حدود العدل؛ كتسليم الجاني، وأداء الشهادة عليه في صراحة وأمانة.

{الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى}:

هذا بيان لمعنى المساواة في القتل المشار إليها بلفظ القصاص، فالجملة تتمة لمعنى الجملة السابقة، ومفادها: أن يقتل بالمقتول قاتلُه دون ما سواه؛ لأن أخذ غير الجاني ليس بقصاص، بل هو اعتداء ثان، وإنما يرتفع الفساد بالقصاص، لا بالقتل ظلماً. وفي الآية إبطال ما كان جارياً في الجاهلية؛ حيث إن القبيلة القوية إذا قتلت منها القبيلة الضعيفة شخصاً، لا ترضى إلا أن تقتل معه أشخاصاً من شيعته، وإذا قتلت منها عبداً، لا ترضى إلا أن