للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والضمير في قوله: {حُبِّهِ} عائد إلى المال. والأموال منها ما شأنه أن يُحب، وهو الطيب، ومنها ما لا يُرغب فيه، وهو الخبيث؛ أي: الرديء. وإيتاء المال الذي يدل على صدق إيمان صاحبه، ويرتقي به إلى منازل الأبرار، إنما هو بذل ما كان محبوباً له، وهو نفائس الأموال والطيبات من الرزق؛ كما قال تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: ٩٢]. والقربى: القرابة؛ أي: قرابة المعطي للمال. والمعنى: وأعطى المال -على محبته له- ذوي قرابته، فهم من بين المحتاجين أولى بالمعروف؛ لأن إعطاءهم إحسان وصلة رحم، وهذا سر تقديمهم في الآية على من ذكر بعدهم من بقية الأصناف المستحقين للعطف والإحسان.

{وَالْيَتَامَى}: جمع يتيم، وهو من فقد أباه بالموت، ولم يبلغ الحلم، وهم أولى بالمعروف بعد ذوي القربى، متى كانوا محتاجين؛ لشدة عجزهم عن كسب ما يسد حاجاتهم.

{وَالْمَسَاكِينَ}: جمع مسكين، وهو من لا شيء له من المال، أو له شيء لا يكفي حاجاته.

{وَابْنَ السَّبِيلِ}: هو المسافر المنقطع عن ماله. وسمي ابن السبيل؛ أي: الطريق؛ لأنه يظهر للناس من جانبها.

ويعطى المسافر الغني في بلده من الصدقات إذا لم يمكنه الاستقراض، فإن أمكنه الاستقراض، خرج عن أن يكون أهلاً لقبول الصدقات. وفي هذا تنبيه على أن المسلمين -وإن اختلفت أوطانهم- ينبغي أن يكونوا في التعاطف والتعاون على مرافق الحياة كأسرة واحدة.