عنقه! فقال رجلٌ من الأنصار: فهلّا أومأتَ إليَّ يا رسول الله! قال: إن النبيّ لا يقتلُ بالإشارة -وعبد الله بن خَطَل، رجلٌ من بني تيم بن غالب- وإنما أمر بقتله لأنه كان مسلمًا، فبعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مصدّقًا، وبعث معه رجلًا من الأنصار؛ وكان معه موليً له يخدُمُه، وكان مسلمًا، فنزل منزلًا، وأمر المولي أن يذبح لَه تيسًا، ويصنع له طعامًا، ونام فاستيقظ ولم يصنع له شيئًا، فعدَا عليه فقتله، ثم ارتدَّ مشركًا؛ وكانت له قينتان: فرتني وأخري معها، وكانتا تغنّيان بهجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأمر بقتلهما معه والحويرث بن نُقَيذ بن وهب بن عبد بن قصيّ، وكان ممن يؤذيه بمكة، ومقيس بن صُبابة -وإنما أمر بقتله لقتله الأنصاريّ الذي كان قتل أخاه خطأ، ورجوعه إلي قريش مرتدًّا- وعكرمة بن أبي جهل، وسارة مولاة كانت لبعض بني عبد المطلب؛ وكانت ممن يُؤذيه بمكة. فأما عِكْرمة بن أبي جهل فهرَب إلي اليمن؛ وأسلمت امرأته أمّ حكيم بنت الحارث بن هشام، فاستأمنت له رسولَ الله فأمّنه؛ فخرجت في طلبه حتى أتتْ به رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فكان عِكْرمة يحدّث -فيما يذكرون- أنّ الّذي ردّه إلي الإسلام بعد خروجه إلي اليمن أنه كان يقول: أردت ركوبَ البحر لألحقَ بالحبشة، فلما أتيتُ السفينة لأركبها قال صاحبها: يا عبد الله، لا تركب سفينتي حتى تُوَحّدَ اللهَ، وتخلع ما دونه من الأنداد، فإني أخشي إن لم تفعل أن نهلِك فيها، فقلت: وما يركبه أحدٌ حتى يوحّد الله ويخلع ما دونه! قال: نعم؛ لا يركبه أحدٌ إلّا أخلص. قال: فقلت: ففيم أفارق محمدًا! فهذا الذي جاءنا به، فوالله إنّ إلهنا في البحر لإلهُنا في البرّ، فعرفت الإسلام عند ذلك، ودخل في قلبي. وأما عبد الله بن خَطَل، فقتله سعيد بن حريث المخزوميّ وأبو برزة الأسلميّ، اشتركا في دمه، وأما مقيس بن صُبابة فقتله نُمَيلَةُ بن عبد الله؛ رجل من قومه، فقالت أخت مِقيَس:
وأما قينتَا ابن خَطَل فقتلت إحداهما، وهربت الأخرى حتى استؤمن لها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بعد، فأمّنها. وأما سارَة، فاستؤمنَ لها فأمنها، ثم بقيت حتى أوطأها رجلٌ من الناس فرسًا له في زمن من عمر بن الخطاب بالأبطح، فقتلها. وأما