للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فرأى أنَّ هذه المصلحةَ أرجحُ من مفسدة سدِّ الذريعة بوطئهنَّ (١)، ورأى الأمَّتين اللتين هما من أكثر الأمم وأشدِّها بأسًا يفعلونه ولا يتَّقونه، مع قوَّتهم وشدَّتهم، فأمسَك عن النهي عنه.

فلا تعارضَ إذًا بين الحديثين، ولا ناسخَ منهما ولا منسوخ، والله أعلم بمراد رسوله (٢).

فصل

ويُشْبِهُ هذا قولُه - صلى الله عليه وسلم - (٣) للذي قال له: إنَّ لي أمَةً، وأنا أكرهُ أن تحبَل، وإني أعزِلُ عنها، فقال: «سيأتيها ما قُدِّرَ لها» (٤).

فليس بين هذه الأحاديث تعارض، فإنه - صلى الله عليه وسلم - لم يقل: إنَّ الولدَ يُخْلَقُ من غير ماء الواطاء، بل أخبر أنه سيأتيها ما قُدِّر لها ولو عَزَل، فإنه إذا قُدِّرَ خلقُ الولد قُدِّرَ سبقُ الماء والواطاءُ لا يشعر، بل يخرجُ منه ماءٌ يمازجُ ماءَ المرأة لا يشعُر به يكونُ سببًا في خلق الولد.

ولهذا قال: «ليس من كلِّ الماء يكونُ الولد» (٥)، فلو خرج منه نطفةٌ لا


(١) غير محررة في الأصول، رسمها يشبه: «وطرين». وفي (ط): «فنظر».
(٢) انظر: «تحفة المودود» (١٩٢)، و «زاد المعاد» (٥/ ١٤٧).
(٣) فيما أخرجه مسلم (١٤٣٩) من حديث جابر.
(٤) هاهنا بياض في (د) بمقدار سطرين ونصف، كأنَّ المصنف تركه في أصله ليكتب الأحاديث التي تدلُّ على أن الولد يخلق من ماء الرجل والمرأة، وظاهرها يوهمُ معارضة هذا الحديث. ويدل لذلك قوله: «فليس بين هذه الأحاديث تعارض»، وهو إنما أورد حديثًا واحدًا لا معارض له.
(٥) أخرجه مسلم (١٤٣٨) من حديث أبي سعيد الخدري.