للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأمَّا الحديثُ الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه [عن النبي - صلى الله عليه وسلم -] أنه قال: «الشُّؤم في المرأة والدَّار والدَّابة»، فإنَّ هذا الحديثَ يُتَوهَّمُ فيه الغلطُ على أبي هريرة، وأنه سمع فيه شيئًا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يَعِه.

حدثني محمد بن يحيى القُطَعي: حدَّثنا عبد الأعلى، عن سعيد، عن قتادة، عن أبي حسَّان الأعرج: أنَّ رجلين دخلا على عائشة، فقالا: إنَّ أبا هريرة رضي الله عنه يحدِّثُ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إنما الطِّيَرة في المرأة والدار والدابَّة»، فطارت شِقَقًا (١)، ثمَّ قالت: كذَبَ ــ والذي أنزل الفرقَان على أبي القاسم ــ من حدَّث بهذا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إنما قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «كان أهلُ الجاهلية يقولون: إنَّ الطِّيَرة في الدَّابَّة والمرأة والدار»، ثمَّ قرأَت: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} [الحديد: ٢٢].

حدثني أبي (٢)، قال: حدَّثني أحمد بن الخليل، حدَّثنا موسى بن مسعود النَّهدي، عن عكرمة بن عمَّار، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: جاء رجلٌ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله، إنَّا نزلنا دارًا فكَثُرَ فيها عَدَدنا، وكثرت فيها أموالُنا، ثمَّ تحوَّلنا عنها إلى أخرى، فقلَّت فيها أموالُنا، وقلَّ فيها عَدَدنا، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -:


(١) أي: قِطَعًا. وفي (ق) ومطبوعة «تأويل مختلف الحديث»: «شفقا». (ت): «سعفا». وكله تحريف. وتقدم أنها كنايةٌ عن الغضب، كأنها تشقَّقت من شدَّته.
(٢) قائل هذا هو أحمد بن عبد الله بن قتيبة. وهو راوية كتب أبيه. وابن قتيبة يروي عن أحمد بن الخليل دون واسطة، وهو من شيوخه الذين أكثر عنهم. ولم ترد «حدثني أبي» في مطبوعتي «تأويل مختلف الحديث» و «عيون الأخبار» (١/ ١٥٠).