للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: ثمَّ ماذا؟ قالوا: ثمَّ رأينا ذئبًا قد دلَع لسانَه مِنْ فِيه، وهو يجرد شعره (١)

عليه. فقال: ذلك حَرَّانُ ثائرٌ ذو لسانٍ عذول، حامي الظَّهر، همُّه سفكُ الدِّماء، وهو أرقمُ الأراقم، يعني مهلهِلًا (٢). قال: ثمَّ ماذا؟ قالوا: ثمَّ رأينا ريحًا وسحابًا. قال: فهل مُطِرتم؟ قالوا: بلى. قال: ببرقٍ؟ قالوا: قد كان ذلك. فقال: أماءٌ سائل؟ [قالوا: نعم]. فقال: ذلك دمٌ سائلٌ ومُرْهَفَاتٌ. قال: ثمَّ مه؟ قالوا: ثمَّ طلعنا تلعةَ الصَّلعاء (٣)، ثمَّ تصوَّبنا من تلِّ فاران. قال: فكنتم سواءً أو مترادفين؟ قالوا: بل سواء. قال: فما سماؤكم؟ قالوا: دَجْناء (٤). قال: فما ريحُكم؟ قالوا: ناطِح. قال: فما فعل الجيشُ الذين لقيتُم؟ قالوا: نجونا منه هربًا، وجدَّ القومُ في إثرنا. قال: ثمَّ مه؟ قالوا: ثمَّ رأينا عُقابًا منقضَّةً على عُقاب، فتشابكا وهوَيا إلى الأرض، قال: ذاك جمعٌ رامَ جمعًا فهو لاقِيه. قال: ثمَّ مه؟ قالوا: ثمَّ رأينا سَبُعًا على سَبُعٍ ينهشُه، وبه بقيَّةٌ لم يمت. فقال: ذروني، أما والله إنها لقبيلةٌ مصروعةٌ مأكولةٌ مقتولةٌ من بني وائلٍ بعد عزٍّ وامتناع.

وذكروا أنَّ تيمَ الَّلات هذا مرَّ يومًا بجملٍ أجرب، وعليه ثلاثةُ غَرابِيب (٥)، فقال لبنيه: ستقفون عليَّ مقتولًا. فكان كما قال، وقُتِل عن قريب.


(١) كذا في (ت). وهي مهملة في (د، ق). ولست منها على بينة. وفي (ط): «يطحر وشعره عليه» .. وفي «بلوغ الأرب» للآلوسي (٣/ ٣٠٨): «يحرب وشعره عليه».
(٢) مهلهل بن ربيعة.
(٣) في الأصول: «قلعة الصنعا». وفي (ط): «قلعة الضعفاء». وفي «بلوغ الأرب»: «قلعة صنعاء». ولعل المثبت أقرب. انظر: «معجم البلدان» (٣/ ٤٢١).
(٤) ممطرةٌ مظلمة. وفي (ت): «دخياء». والليلة الدخياء: المظلمة.
(٥) جمع غِرْبيب، وهو الشديد السواد. والمراد هنا: الغراب.