للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا أعجبُ من الأول، أنَّ الذكرَ ينضمُّ إلى الذكر فيصيرُ المضمومُ إليه أنثى! فتبًّا للمصغي إليكم والمُجَوِّزِ عقلُه صِدقَكم وإصابتَكم، وأمَّا أنتم فقد أشهد اللهُ سبحانه عقلاءَ عباده وألبَّاءهم (١) مقدارَ عقولكم وسخافتَها، فلله الحمدُ والمنة.

قال هذا المنتصرُ لهم: وإنما جعلوا الأفراد للذَّكر، والأزواجَ للأنثى؛ لأنَّ الفردَ يحفظُ طبيعتَه ــ أعني ينقسم دائمًا إلى فرد ــ، والزَّوجَ لا يحفظُ طبيعتَه ــ أعني ينقسم مرَّةً إلى الأفراد ومرَّة إلى الأزواج ــ، كما يعرضُ ذلك للأنثى، فإنها تلدُ مرَّةً مثلَها (٢)، ومرَّةً ذكرًا مخالفًا لها، ومرَّةً ذكرين، ومرَّةً أنثيين، ومرَّةً ذكرًا وأنثى.

وفسادُ هذا والعلمُ بفساد عقل صاحبه ونظره مُغْنٍ لذي اللُّبِّ عن تطلُّب دليل فساده.

قال المنتصر: وأمَّا لم جعلوا (٣) البرجَ الأنثى يلي (٤) برجَ الذَّكر؟ فلأنَّ الطبيعةَ هكذا ألَّفَتْ الأعدادَ واحدًا فردًا وآخر زوجًا، هكذا بالغًا ما بلَغ. وهذه القسمةُ عندهم هي قسمةٌ ذاتيَّةٌ للبروج.

ولها قسمةٌ ثانيةٌ بالعَرَض، وهي أنهم يبدؤونَ من الطالع إلى الثاني عشر، فيأخذون واحدًا ذكرًا وهو الأول، وآخرَ أنثى وهو ما يليه (٥). وهذه


(١) (ت): «وألبابهم».
(٢) (ت، ق): «تلد من مثلها».
(٣) (د، ق): «وإنما جعلوا».
(٤) (ت، ق): «بل». وهو تحريف.
(٥) (ت): «وهو الثاني وهي ما يليه».