الهموم، فقد صرف له شيئًا من العبادات التي لا يجوز صرفها لغير الله سبحانه وتعالى، وحينئذ يعتبر أنه وقع في الشرك.
أما في الحديث الثاني، فقد أنكر الرسول صلى الله عليه وسلم على الذي عطف مشيئته على مشيئة الله سبحانه وتعالى، فقد له مبينًا له خطورة هذه الكلمة ـ وهو قوله:(ما شاء الله وشئت) ـ: (أجعلتني لله ندًا)، فالرسول كما نرى في هذا الحديث اعتبر عطف مشيئة الرسول على مشيئة الله بحرف الواو إشراكًا بالله سبحانه وتعالى، وهذا رد كاف ومقنع في الحقيقة على المتصوفة الذين رفعوا الرسول صلى الله عليه وسلم إلى منزلة الألوهية، فصرفوا له أنواعًا من العبادات رغم أن العبادات لا يجوز صرفها لغير الله سبحانه وتعالى؛ لا لنبي ولا لولي ولا للملائكة ولا غيرهم من المخلوقات ـ كما سيأتي بيانه في الفصل الثاني ـ.
ولذا أقول: إن توجه المتصوفة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بالدعاء والاستغاثة يعتبر شركًا بالله سبحانه وتعالى؛ لأنه صرف شيء من العبادات لغير الله، وصرف شيء من العبادات لغير الله يعتبر عبادة لغيره وما الشرك إلا هذا بعينه. وقولهم: بأن الرسول عنده مقدرة على غفران الذنوب وكشف الكروب ودفع المضار وجلب المنافع، هذا شرك بالله في الربوبية بالأنداد في صفته القدرة الكاملة. فجمعوا بين الشركين.
قلت: هذه بعض الأمثلة من الأحاديث النبوية على إبطال عقائد المتصوفة في النبي صلى الله عليه وسلم بأنه يملك التصرف في الكون والذي هو شرك بالله في صفته القدرة الكاملة. وهي تدل صراحة ونصًا على أن النبي صلى الل عليه وسلم لا يملك نفعًا ولا ضرًا لأحد. فضلاً عن أن يملك الإحياء والإماتة، والإقطاع في الجنة، والإغناء، والشقاء، والسعادة، والهداية، والشفاء، والإعطاء.