وهذا -والله- تحقيقٌ علميٌّ دقيقٌ يَنْقضُ زعم من شوّش وهوَّش، مُدَّعياً أنّ في فتوى الشيخ إخلاءً لأرض فلسطين من أهلها، أو تنفيذاً لمخططات يهود!! {مَالَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} . أفٍّ لكم أيها الناقدون الحاقدون! هل علمتم هذا التفصيل أم جهلتموه؟! إن كنتم علمتوه فلِم أخفيتموه وكتمتموه؟! وإن كنتم جهلتموه! فلماذا رضيتم لأنفسكم الجهل، وللشيخ الظلم، وللناس التضليل؟! أم أنَّ هذه تجارتكم تخشون كسادها؟! بِئْسَتِ البضاعة، وبِئْسَت التجارة! وليعلم المسلم أن الحفاظ على الأرض والنفس، ليس أولى من الحفاظ على الدين والعقيدة، بل إن استلاب الأرض -ممن يظل مقيماً فيها رجاءَ الحفاظ عليها، غير واضع في حسابه الحفاظ على دينه أولاً- قد يكون أيسرَ، وأشدَّ إيذاءً، وأعظم فتنة. والعدو الكافر الذي يحتلُّ أرضاً -وأهلها مقيمون فوقها- يملك الأرض ومن عليها وما عليها، فالكفر لايحفظ للإسلام عهداً، ولا يرعى للمسلمين إلاًّ ولا ذمة، ولا يقيم لهم في أرضهم وخارج أرضهم وزناً. قال أبو عبيدة: وتكلم الشيخ -رحمه الله تعالى- على هذه المسألة بإسهاب في كتابه «السلسلة الصحيحة» عند حديث رقم (٢٨٥٧) فانظره هناك،، والله الموفق للصواب، وإليه المرجع والمآب. وقد فصَّلت في مسألة الهجرة -بعامة- ومن أرض فلسطين -بخاصة-، ونقلت كلام الشيخ -رحمه الله-، وذكرت المسألة بتأصيل وتقعيد، ونَقْلِ كلام أهل العلم في ذلك، وذكرت حكم عمليات الاقتحام بالنفس، التي تسمَّى اليوم: بالعمليات الفدائية -أو الاستشهادية- بكلام لا مزيد عليه، في كتابي: «السَّلفيون وقضية فلسطين» فانظره هناك. مع أن المصنّف سيتعرض لهذه المسألة -وهي الاقتحام بالنفس- في الأبواب القادمة، لكن دون التفصيل الذي ذكرته في كتابي هذا، والله المسدِّد. وأخيراً؛ نحيل على دراسات مفردة لمن رام الاستزادة في هذا الموضوع، -وهو الهجرة من ديار الكفر إلى ديار الإسلام- وهي مهمة: الأولى: لمصطفى بن رمضان البولاقي (ت١٢٦٣هـ-١٨٤٧م) : «رسالة فيما إذا كان يحل للمسلمين العيش تحت حكم غير المسلمين والتعايش معهم» . الثانية: لعلي الرسولي رسالة في الموضوع نفسه، وبالعنوان السابق، وهي والتي قبلها ضمن مجموع منسوخ في القرن (١٣هـ/ ١٩م) في جامعة ييل بأمريكا، تحت رقم [٤٠٥-L (٩٧٠) ] . انظر «المخطوطات العربية في مكتبة جامعة ييل» (١٠٦) . =