للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُواْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً} [النساء: ٩٧] ، فلهذا حَجَرْنا في هذا الزمان على الناس زيارة بيت المقدس والإقامة فيه؛ لكونه بيد الكفار، فالولاية لهم والتحكم في المسلمين، والمسلمون معهم على أسوء حال -نعوذ بالله من تحكم الأهواء-، فالزائرونَ اليوم البيت المقدَّس، والمقيمون فيه من المسلمين، هم الذين قال الله فيهم: {ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً} [الكهف: ١٠٤] ، وكذلك فلتهاجر عن كل خلق مذموم شرعاً قد ذمّه الحق في كتابه، أو على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» ا. هـ.
وأذكر -هاهنا- فتوى دَنْدَنَ حولها كثير من الشانئين، وأوقعت بعض المُحبِّينَ في حيرة، وهي فتوى لشيخنا محدِّث العصر العلامة محمد ناصر الدين الألباني -رحمه الله تعالى- حول قضية خروج أهل فلسطين منها! وهذه قصَّتُها؛ نسجِّلها هنا تأدية لبعض حق شيخنا -رحمه الله- علينا، ولشهادة التاريخ، وللإنصاف والمسؤولية العلمية، فنقول:
ضمَّ الشيخ -رحمه الله- وآخرَ مثله في السِّن- لا في العلم- مجلسٌ، وسأل المُسِنُّ القادمُ من فلسطين الشيخَ -رحمه الله- عن مسائل، وقع ضمنها توَجُّعٌ وشكاية وتألم من حال المسلمين الساكنين في فلسطين، فأفتى الشيخ -كعادته وبصراحته وجرأته فيما يعتقد- أن مكة خير من فلسطين، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما لم يستطع إقامة الدين فيها هاجر منها، فعلى كل مسلم لا يستطيع أن يقيم دينه في أي بقعة أن يتركها وينتقل إلى بلدة يستطيع فيها ذلك، فكان ماذا؟ وقعت هذه الفتوى لبعض (الأشاعرة) (الصوفيين) في بلادنا، وأخذ يدندن فيها، متّهماً الشيخ بأنه (يهودي) ! مستدلاً بكلامه هذا! وأثارت (الصحف) و (الجرائد) هذه القضية، وكتب فيها العالم والجاهل، والسفيه والحقير والوضيع، وصرح بعضهم أنه لا يبغض (الألباني) ولا يعاديه! وإنما يعمل على محاربة (منهجه) فحسب! اللهم يا مقلب (العقول) ثبت (عقلي) على دينك وسنة نبيك - صلى الله عليه وسلم -.
ويا ليت هؤلاء تكلموا بأدلة، أو بِلُغةِ أهل العلم، وإنما بلغة (الجرائد) : السباب، وعرض (العضلات) ، وعدم التعرض للمسألة: بتأصيل أو تكييف أو تدليل أو تأريخ، وإنما لامَسَتْ شيئاً في نفوسهم من (نفورٍ) أو (حسد) أو (حقد) ، ففرَّغوا مافيها، فارتاحوا وانتعشوا، وظنوا أنهم نهوا وأمروا! وفازوا وظفروا! حقاً؛ إنها -أي: المقالات- مكتوبة بلغة، لا يربأ صاحبُ القلمِ الحرِّ العلميِّ إلا السكوت عنها، أو القول: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
فلقد سئل الشيخ -رحمه الله- عن بعض المدن التي احتلها اليهود عام ١٩٤٨م، وضربوا عليها صبغة الحكم اليهودي بالكلية، حتى صار أهلها فيها إلى حال من الغُرْبَةِ المُرْمِلَةِ في دينهم، وأَضْحَوا فيها عبدةً أذلاء؟ فقال: هل في قرى فلسطين أو في مدنها قريةٌ أو مدينةٌ يستطيع هؤلاء أن يجدوا فيها =

<<  <   >  >>