للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«كانت صفية من الصَّفي» .

وقال أهل العلم: «الصَّفيُّ» : هو كلُّ شيء يصطفيه من رأسة الغنيمة: فرسٌ، أو جارية، أو عبدٌ، أو سيفٌ، أو ما شاء، على حسب حال الغنيمة.

فأمَّا الصَّفي فاتفق العلماء على أنه ليس لأحدٍ بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وشذَّ أبو ثور فقال: هو باقٍ، يجري مجرى سهم النبي - صلى الله عليه وسلم - من الخمس (١) .

وأمَّا سهمه - صلى الله عليه وسلم - من الخمس، فاختلف في حكمه بعده اختلافاً كثيراً، يتحصَّل إلى أربعة أقوال:

قول: إنه يُرَدُّ على أهل الجيش الغانمين، فيقسم عليهم أربعة أخماس الغنيمة، وخمس الخمس، وتكون أربعة أخماس الخمس للأربعة الأصناف الباقية من أهل الخمس، كما كان لهم في الأصل (٢) .

وقولٌ ثانٍ: إنه يُردّ على من سُمي في الخمس، فيقسم جميع الخمس على أربعة أسهم، قاله الطبري، وقد مضى توجيه هذا القول، وعليه يجيء قول أبي


= وأخرجه الحاكم (٢/١٢٨) ، والبيهقي في «الكبرى» (٦/٣٠٤) ؛ من طريق سفيان، به.
وقال: «صحيح على شرط الشيخين» . ووافقه الذهبي.
وانظر: «صحيح سنن أبي داود» لشيخنا الألباني -رحمه الله تعالى-.
(١) وقال أبو بكر بن المنذر في «الأوسط» (١١/٩٦) : «ولا أعلم أحداً وافق أبا ثورٍ على ما قال» .
وقال ابن عبد البر في «الاستذكار» (١٤/١٩٢) : «وأجمع العلماء على أن الصَّفِي ليس لأحدٍ بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -» ، وانظر في مذهب أبي ثور: «اختلاف الفقهاء» (٢١) للطبري، ولم يحرر صاحب «فقه الإمام أبي ثور» (ص ٧٨١) مذهب أبي ثور، وجعل مذهبه كمذهب أحمد والشافعي والثوري والليث!
(٢) نقله ابن المنذر في كتابه «الأوسط» (١١/٩٤) عن طائفة من العلماء، دون أن يذكر من هم.
وذكر مخالفة أبي ثور، وأنه قال: «الآثار في الصَّفِي ثابتة، ولا أعلم شيئاً نسخها» .
قال -أي: أبو ثور-: فيؤخذ الصَّفي، ويجري مجرى سهم النبي - صلى الله عليه وسلم -.
ثم قال ابن المنذر: «قد قسم الخلفاء الراشدون بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - الغنائم، ولم يبلغنا أنهم اصطفوا من ذلك شيئاً لأنفسهم غير سهامهم، والله أعلم» . انتهى كلامه.

<<  <   >  >>