للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن استغنى المسلمون، وكملت كلُّ مصلحةٍ لهم، فرَّق ما يبقى منه بينهم كلَّه، على قدر ما يستحقُّون في ذلك المال، وإن ضاق الفيء عن مبلغ العطاء فَرَّقه بينهم، بالغاً ما بلغ، لم يَحْبس عنهم منه شيئاً، ويُعطى من الفيء رزق الحكَّام، وولاة الأحداث، والصلات بأهل الفيء، وكل من قام بأمر الفيء من والٍ، وكاتبٍ، وجنديٍّ، ممن لا غنى لأهل الفيء عنه رزق مثله» .

ذكره كلّه عن الشافعي: ابن المنذر.

واختلف اجتهاد الخلفاء الراشدين -رضي الله عنهم-: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، في قسم الفيء: فيما يرجع إلى التسوية في العطاء أو التفضيل؛ فأما أبو بكر فسوَّى في ذلك بين الشريف والمشروف، ومن كانت له سابقة، أو لم تكن، ورأى أن ثوابهم على الله، وأن الدنيا بلاغ، وعلى ذلك جرى عليٌّ -رضي الله تعالى عنه- من التَّسوية في العطاء (١) .


(١) أخرج أحمد في «الزهد» (ص ١٣٧) ؛ عن عبد الملك بن عمرو، حدثنا عبد الله -يعني: ابن جعفر- عن إسماعيل بن محمد، أن أبا بكر الصديق -رضي الله عنه-، قسم قسماً سوَّى فيه بين الناس، فقال له عمر -رضي الله عنه-: يا خليفة رسول الله، تسوي بين أصحاب (كذا في المطبوع، أي: أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) وسواهم من الناس؟! فقال أبو بكر: إنما الدنيا بلاغ، وخير البلاغ أوسعه، وإنما فضلهم في أجورهم.
وأخرج أبو عبيد في كتاب «الأموال» (ص ٣٣٥ رقم ٦٤٩) ، قال: قال عبد الله بن صالح: وحدثني الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، وغيره، أن أبا بكر كُلِّم في أن يُفضِّل بين الناس في القسم، فقال: «فضائلهم عند الله، فأما هذا المعاش، فالتسوية فيه خيْر» .
وأخرج البيهقي في «الكبرى» (٦/٣٤٨) ؛ من طريق عمرو بن عبد الله -مولى غفرة- قال: قسم أبو بكر -رضي الله عنه- أول ما قسم، فقال له عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: فضِّل المهاجرين الأولين وأهل السابقة! فقال: أشتري منهم سابقتهم؟! فقسم، فسوَّى.
قال البيهقي: قال الشافعي: وسوَّى علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- بين الناس، وهذا الذي أختاره، وأسأل الله التوفيق.
ثم أسند -رحمه الله- إلى عاصم بن كليب، عن أبيه، سمعه منه، أن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أتاه مالٌ من أصبهان، فقسمه بسبعة أسباع، ففضَل رغيفٌ، فكسره بسبع كسر، فوضع على كل =

<<  <   >  >>