للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: «تتكافأ دماؤهم» ، أي: هم في القصاص سواء؛ الشريف والمشروف، والرجل والمرأة. ومعنى: «يسعى بذمتهم أدناهم» : إنَّ كلَّ مسلمٍ أمَّن حرْبياً، فأمانه جائز على سائر المسلمين، سواء كان شريفاً أو وضيعاً، حراً أو عبداً، رجلاً أو امرأة. ونحوٌ منه قوله في هذا الحديث: «ويجير عليهم أقصاهم» ، أي: يلزمهم ذلك، وإن بَعُدَ، وروي هذا الحرف في غير هذا الحديث: «ويردُّ عليهم أقصاهم» (١) . قيل: هو في السَّرِيَّة تخرج من العسكر فَتَغْنَم، فيكون ذلك لها، وللعسكر الذي خرجت منه، وإن بعدت في المغزى (٢) .

ومعنى:: «وهم يدٌ على من سواهم» : أن عليهم التعاون في دفع العدو، إذا نزلَ على أحدٍ منهم، فواجب عليهم أن يكونوا يداً واحدةً في ذلك على الكفار.

ويلحق (٣) هذه الحالة في تعيين الجهاد -أيضاً- للأمر يَعْرض: حالةُ استنقاذ الأسرى إذا حازهم العدو، وكان بالمسلمين قدرة على استنقاذهم بالقتال، قال


(١) = على حسب ما لزم أهل تلك البلدة حتى يعلموا أنّ منهم طاقة على القيام بهم ومدافعتهم. وكذلك كل من علم بضعفهم عن عدوهم وعلم أنه يدركهم ويمكنه غياثهم لزمه -أيضاً- الخروج إليهم، فالمسلمون كلهم يد على من سواهم» .
() وهذا اللفظ -أيضاً- عند أبي داود، والمعنى الذي ذكره المصنف هو الذي بوَّب به أبو داود.
(٢) قال الخطابي في «معالم السنن» (٢/٣١٤) : «ومعناه: أن يخرج الجيش، فينيخوا بقرب دار العدو، ثم ينفصل منهم سرية فيغنموا، فإنهم يردُّون ما غنموه على الذين هم ردءٌ لهم لا ينفردون به، فأمّا إذا كان خروج السريّة من البلد، فإنهم لا يردّون على المقيمين في أوطانهم شيئاً» . وانظر «حاشية السندي على سنن ابن ماجه» (رقم ٢٦٥٩، ٢٦٨٥) .
(٣) ويتعيّن الجهاد: إذا تقابل الصفّان، فيحرم في حق من شهده الانصراف، لقوله -تعالى-: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ} [الأنفال: ٤٥] ، وكذا إذا عيّن إمام المسلمين شخصاً بعينه للجهاد، وعلى هذا يكون الجهاد فرض عين على العسكر المعيّنين من قبل الإمام في ديوان الجند، وكذا إذا كان النفير عاماً، كأن يستنفر الإمام أهل بلد أو قرية إلى الجهاد، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «وإذا استنفرتم فانفروا» . أخرجه البخاري (٢٨٢٥) ، ومسلم (١٣٥٣) من حيث ابن عباس. وانظر: «المغني» (١٣/٨) ، «معونة أولي النهى» (٣/٥٨٨) .

<<  <   >  >>