للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القاسم، في الحربيِّ ينزل على أمان الذِّمِّي، يقول: ظننتُ أنه مسلمٌ، فقال مَرَّةً: لا سبيل إليه، وأمره إلى الإمام، إن أحبَّ أتم له عهده، وإلا ردَّه إلى مأمنه، وقال مَرَّة: لا أمان له، وهو فَيءٌ للمسلمين، علم أنه ذمي أو لم يعلم، ولم يعذره هو ولا غيره من أصحاب مالك إذا علم أنه ذمي، وقال: ظننتُ أن له جواراً لموضع ذمتكم، قالوا: لا أمان له، وقد صار فيئاً (١) ، ورأى اللَّخمي ذلك مشكلاً، فقال: يُردُّ إلى مأمنه -أيضاً-.

* مسألة:

اختلفوا فيما به يثبت تأمين من زعم من المسلمين أنه أمَّن مشركاً؛ فقال الأوزاعي (٢) : إذا قال رجلٌ من المسلمين: إني قد أمنتهم؛ جاز أمانه عليهم، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ويعقد عليهم أدناهم» ، ولم يقل: إن جاء على ذلك ببيِّنة؛ وإلا؛ فلا أمان له؛ لأنه أخبر عن نفسه.

وإليه ذهب من أصحاب مالك: ابن القاسم وغيره (٣) .

وقال أبو حنيفة (٤) : إذا صاروا في الغنمية وقال رجل: قد كنت أمَّنتهم قبل أن

يؤخذوا، لم يصدق على ذلك، كأنه يريد: من حيث تعلق حقِّ أهل الغنيمة بهم، فلم يكن اعترافه عاملاً عليهم، ومُتْلِفاً ما وجب لهم، وإليه ذهب سحنون، وقال الشافعي (٥) : يقبل قوله فيهم قبل أن يصيروا في أيدي المسلمين، فإن صاروا في


(١) وقال ابن يونس -من المالكية-: وهو ضعيف -أي: هذا القول الأخير-، قال: والأشهر: ردُّهم إلى مأمنهم في هذا كلِّه.
وقيده ابن سحنون بإجازة أمير الجيش للذميِّ بالأمان. انظر: «الذخيرة» (٣/٤٤٤) .
وقال ابن شاس في «الجواهر» (١/٤٨٠) : وقيل في الكافر: يصح أمانه؛ لأن له ذمة، فكان تابعاً للمسلمين. ونقله عنه القرافي في «الذخيرة» . وهذا القول ضعيفٌ عندهم، وقد نقله بصيغة التمريض.
(٢) نقل ذلك عنه الشافعي في «الأم» (٧/٣١٧) ، ومنسوب له في «الرد على سير الأوزاعي» (٦٣) ، وابن جرير في «اختلاف الفقهاء» (٤٢) . وانظر: «فقه الإمام الأوزاعي» (٢/٤١٤) .
(٣) انظر: «الذخيرة» (٣/٤٤٥) ، «النوادر والزيادات» (٣/١٢٨) ، «الخرشي» (٣/١٢٣) .
(٤) انظر: «بدائع الصنائع» (٧/١٠٧) ، «الفتاوى الهندية» (٢/١٩٨) .
(٥) انظر: «الحاوي الكبير» (١٤/١٩٩) ، «روضة الطالبين» (٧/٤٧٢) . =

<<  <   >  >>