للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلا تبرحوا مكانكم هذا، حتَّى أُرسلَ إليكم، وإن رأيتمونا هزمنا القوم وأَوْطَأناهُم، فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم، فهزموهم ... » الحديث بطوله.

وكان يقال: لا تهمل التَّعبئَةَ (١) عند المناوشة؛ فإنَّ فساد التَّعبئة من أعظم الخلل (٢) ، وقيل: لا تجعل النهر وراءك عند الزَّحف. يعني: لما يتقى من كَرَّة العدو، ومضايقة الزَّحف، فيكون في ذلك الهلاك، وكذلك كل شيء يُتقى منه ما يُتَّقى من كَرَّةٍ عند المضايقة والحاجة إلى التوسع، ومجال التَّحَيُّز، وما يُخشى من النُّكوصِ، وشبه ذلك، فالحزم بالإعداد لذلك كلِّه هو الأوْلى (٣) .

في كراهة الاستعانة بالمشركين

قال الله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [المائدة: ٥٧] ، وقال -تعالى-: {وَلاَ تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً} [النساء: ٨٩] .

وخرَّج مسلم (٤) ، عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها قالت: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -


(١) التعبئة المقصودة هنا، هي: صف الجند في مواقفهم بين الميمنة والميسرة، وغيرهما من أجزاء الجيش؛ ليكون مستعداً للإشتراك فوراً في أي قتال إذا ألجأته الضرورة إليه، انظر تسمية أصول أجزائها في (الباب الحادي عشر) من «مختصر سياسة الحروب» للهرثمي صاحب المأمون (ص ٢٦-٢٧) .
(٢) قال الهرثمي في «مختصر سياسة الحروب» (ص ٢٥-٢٦) : «قالوا: إذا كان العدو منك على خمس مراحل أو نحوها، فلا يكونن مسيرك ونزولك إلا على تعبئة.
كان أهل الحزم والتجربة يرون لصاحب الحرب، أن يكون نزوله ومسيره بالتعبئة في الأمن كما يرونه في الخوف، إلا أن يدع ذلك عن ضرورة، ويرون ألا يخلو مما تيسر من التعبئة في الأمن على كل حال.
ذكروا عن بعض أهل الحزم والتجربة، أنه توجّه من الشام إلى الهند يريد المحاربة بها، فخندق في أول منزلةٍ بالشام، ثم لم يزل يسيرُ وينزل بالتعبئة والخنادق، إلى أن أظفره الله بعدوه» .
(٣) انظر: «مختصر سياسة الحروب» (ص ٦٥) .
(٤) في كتاب الجهاد والسير (باب كراهة الاستعانة في الغزو بكافر) (١٨١٧) (١٥٠) .

<<  <   >  >>