يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في جحود نبوتك من المنافقين الذين أظهروا الإسلام وقلوبهم خالية منه , فإني ناصرك عليهم. ولا يحزنك تسرُّع اليهود إلى إنكار نبوتك , فإنهم قوم يستمعون للكذب , ويقبلون ما يَفْتَريه أحبارُهم , ويستجيبون لقوم آخرين لا يحضرون مجلسك , وهؤلاء الآخرون يُبَدِّلون كلام الله من بعد ما عَقَلوه , ويقولون: إن جاءكم من محمَّد ما يوافق الذي بدَّلناه وحرَّفناه من أحكام التوراة فاعملوا به , وإن جاءكم منه ما يخالفه فاحذروا قبوله , والعمل به. ومن يشأ الله ضلالته فلن تستطيع - أيها الرسول - دَفْعَ ذلك عنه , ولا تقدر على هدايته. وإنََّ هؤلاء المنافقين واليهود لم يُرِدِ الله أن يطهِّر قلوبهم من دنس الكفر , لهم الذلُّ والفضيحة في الدنيا , ولهم في الآخرة عذاب عظيم.
واحكم - أيها الرسول - بين اليهود بما أنزل الله إليك في القرآن , ولا تتبع أهواء الذين يحتكمون إليك , واحذرهم أن يصدُّوك عن بعض ما أنزل الله إليك فتترك العمل به , فإن أعرض هؤلاء عمَّا تحكم به فاعلم أن الله يريد أن يصرفهم عن الهدى بسبب ذنوبٍ اكتسبوها من قبل. وإن كثيرًا من الناس لَخارجون عن طاعة ربهم.