حاصله أن السفر على ثلاثة أقسام: يحرم، ولا تسقط الجمعة به، وذلك بعد الزوال لمخاطبته بها، وهذا هو المعروف. وحكى اللخمي قولاً بالكراهة فقط، وأنكره عليه ابن بشير. وانظر على الأول من كان في بلاد الفتن، وحصلت له رفقة في ذلك الوقت، ولا يمكنه السفر دونهم، وانتظار أخرى لا يدري متى يمرون به مما يشق.
خليل: والظاهر الإباحة. ومباح وهو السفر قبل الفجر، ولا خلاف في إباحته، وتختلف فيه بالإباحة والكراهة، وهو ما بين الفجر وبين الزوال، فقيل يباح لعدم الخطاب، وقيل يكره إذ لا ضرورة في تحصيل هذا الخير العظيم. والإباحة لمالك في الواضحة، والكراهة رواية ابن القاسم، وابن وهب، وهو ظاهر المدونة، واختيار ابن الجلاب، وجماعة من أصحابنا، وروى عن ابن عمر.
أي: إذا فرعنا على الجواز والكراهة. وما ذكره قال الباجي: هو ظاهر المذهب. ابن بشير: وفيه نظر. لأنه قد رفض الإقامة وحصل له حكم السفر نية وفعلاً. انتهى. وينبغي أن يقيد الرجوع بأن يدرك ركعة منها فأكثر، وإلا مضى لعدم الفائدة حينئذ في رجوعه.
قوله:(يَقْدَمُ مُقِيماً) أي: يدخل وطنه أو غيره ناوياً إقامة أربعة أيام كالحاضر، فتلزمه الجمعة. وإن كان قد صلى الظهر، فثلاثة أقوال: تلزمه لتبين استعجاله؛ وهو قول مالك في الموازية. الثاني: لا تلزمه؛ لأنه فعل ما خوطب به ويؤمر أن يأتي الجمعة، فإن لم يفعل فلا شيء عليه. وعزاه في البيان لابن نافع. والثالث لسحنون، وهو ظاهر المناسبة.