يعني: فلو وهب الواهب الهبة بعدما وهبها ولم يكن الأول قد حازها وحازها الثاني، فقال ابن القاسم: هي للأول، وقال أشهب- وهو اختيار محمد: الثاني أولى بحيازته؛ وروي أيضاً عن ابن القاسم.
والأول أقيس؛ لأن الهبة عندنا تلزم بالقول فلم يهب إلا ملك الأول، وظاهر هذين القولين أنه لا فرق بين أن يفرط الموهوب له أو لا، وزاد في البيان في الرابع من الصدقات قولين آخرين؛ أحدهما: أن يعلم فيفرط أو لا يعلم، والثاني: الفرق بين أن يمضي من المدة ما يمنكه فيه القبض أم لا، وعلى قول ابن القاسم فقال أصبغ في العتبية: إن علم الموهوب بالهبة وفرط فلا شيء له، وإن لم يعلم أو علم ولم يفرط وقدم المتصدق فعاجله بأن تصدق بها على غيره، فالأول أولى إن أدركها قائمة فله قيمتها على المتصدق، وهذا الفرق يقوي قول أشهب فوقه؛ إذ لم ينزل الهبة منزل البيع.
أي: قبل حوز الموهوب له، والقول بإنفاذ العتق والاستيلاد من غير قيمة لابن القاسم في العتق الثاني من المدونة: وسواء علم المعطي بالهبة أو لم يعلم، وقاله في الموازية والعتبية، والقول برد العتق ولزوم قيمة الأمة في الإيلاد لابن وهب وهو أقيس وله رده- راجع للعتق وتقويم الأمة للإيلاد فهو لف ونشر، وزاد في البيان ثالثاً للمغيرة: أن العتق أولى على كل حال إلا أن يكون بين الصدقة والعتق ما لا يمكن فيه الحوز من المدة.
الباجي: إذا قلنا بقول ابن القاسم فكاتب الواهب العبد أو دبره أو أعتقه إلى أجل فقال أصبغ: يمضي ولا شيء للمعطي في خدمة المدبر ولا كتابة المكاتب ولا رقبته إن عجز.