للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله في صدر المسألة: (وَلَوْ حَازَهَا ثُمَّ أَجَّرَهَا) يدل على أن الموهوب له يحوز لنفسه، أما إن كان صغيراً فحاز عنه الأب أو غيره ثم رجع الأب إليها قبل أن يكبر ويحوز لنفسه سنة فهي باطلة.

محمد: لا يختلف في ذلك مالك وأصحابه، والفرق بين الصغير والكبير أن الولد الكبير يتصور منه منع الأب من الرجوع في الهبة فلا يعد رجوع الأب إليها رجوعاً في الهبة، والصغير لا يقدر على ذلك فيعد رجوعه رجوعاً في الهبة.

وما ذكره ابن المواز من الاتفاق على بطلانها بذلك إذا سكنها الأب وحده، وأما إن سكن فيها مع الولد فظاهر قول مالك أيضاً البطلان. وحكى أبو محمد مكي في كتاب الاختلاف عن ابن حبيب أنها لا تبطل؛ لأنه إنما سكن بحضانته لهم.

وَلَوْ بَاعَ الْوَاهِبُ فَإِنْ عَلِمَ نَفَذَ وَالثَّمَنُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ رُدَّ وَهُوَ عَلَى طَلَبِهِ

يعني: لو باع الواهب الهبة قبل أن يحوزها الموهوب له افترق الحكم بسبب علم الموهوب له وعدم علمه، فإن علم الموهوب له نفذ البيع والثمن للموهوب له، هكذا في المدونة على إحدى الروايتين، وذلك أنه قال في أول كتاب الصدقة: ومن تصدق على رجل بصدقة ولم يقبضها حتى بيعت تم البيع وكان الثمن للمعطي.

وروي بفتح الطاء اسم المفعول وهذا موافق لكلام المصنف، وروي بكسر الطاء اسم فاعل ومقتضى القياس خلاف الروايتين؛ إذ الهبة تلزم بالقول فكان القياس يقتضي أن يجيز الموهوب في إجازة البيع أو رده، إلا أنهم راعوا قول من يقول: إنها لا تلزم إلا بالقبض.

قوله: (وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ)؛ أي: الموهوب له بالهبة رُدَّ البيع والموهوب له على طلبه بالحوز.

وقوله: (رُدَّ) إن أراد الموهوب له ذلك، وإن أراد إمضاءه فله ذلك كبيع الفضولي.

<<  <  ج: ص:  >  >>