أي:(وَلَوْ قَارَضَ) العامل عاملاً آخر (مُتَعَدِّياً) أي: بغير إذن رب المال؛ فلا شيء عليه؛ أي: للعامل الأول؛ لأن القراض كالجعل لا يصح إلا بالعمل، ثم لمقارضته ثلاثة أحوال: وذلك لأنها إما بمثل الجزء الذي هو أخذه عليه، وإما بأقل، وإما بأكثر ولا إشكال في المساوي. ولذلك سكت المصنف عنه، وإن كان أقل؛ كما لو أخذه على النصف ودفعه على الثلث، فذكر المصنف أنه لا شيء له ويكون الثلثان لرب المال. وكذلك نص عليه اللخمي وابن رشد وغيرهما.
ابن عبد السلام: ولا يبعد أن يختلف فيه ويكون له الزائد لضمانه وإن كان أكثر، كما لو أخذه على النصف ودفعه بالثلثين غرمه، أي الزائد على جزئه، وهو السدس في المثال المفروض، واخلتف بعد غرم هذا المسدس في من يتبعه به، فقال مالك وابن القاسم: يتبعه العامل الثاني ويكون رب المال أحق بجميع نصف الربح الموجود؛ لأن المال له ولم يدخل إلا على ذلك. وقال أشهب: بل العالم الثاني أحق بما دخل عليه وهو ثلثا الربح ويتبع رب المال العامل الأول بالسدس.
ومنشأ الخلاف أن الربح مضاف إلى المال وإلى عمل العامل فأيهما يغلب فالمشهور غلب المال. وأشهب غلب العامل؛ فإن قلت: لم جعلتم العامل في القراض لا يقارض وجعلتم ذلك للعامل في المساقاة؟ قيل: لأن العامل في القراض مبني على الأمانة، وقد لا يرضى رب المال بالثاني بخلاف المساقاة فإنها عمل فيما لا يغاب عليه.