للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْمُقَوَّمُ كَالْحَيَوَانِ والرَّقِيقِ والْعُرُوضِ تَتْلَفُ بِآفَةٍ سَمَاويَّةٍ تُضْمَنُ بِقِيمَتِهَا يَوْمَ الْغَصْبِ، وقَالَ أَشْهَبُ: بِالأَكْثَرِ مِنَ الْغَصْبِ إِلى يَوْمِ التَّلَفِ ...

لما ذكر أن المغصوب مثلي ومقوم، وتكلم على المغصوب المثلي، تكلم هنا على المقوم وذكر أنه يضمن بقيمته وهو المذهب، ونقل الباجي أنه روي عن مالك أنه يضمن بالمثلي، وهو مذهب الشافعي وأبي حنيفة.

المازري: وهكذا وجد في نسخ من المنتقى، وهو وهم منه ومن الرواة الذين ذكروا ذلك عنه.

وقوله: (تَتْلَفُ بِآفَةٍ سَمَاويَّةٍ) احتُرز به من التلف بجناية الغاصب أو غيره وسيأتي. والمشهور كما قدمه أن القيمة تعتبر يوم الغصب، وقال أشهب وابن وهب وعبد الملك: يضمن بالأكثر من يوم الغصب إلى يوم التلف؛ لأنه في كل زمان غاصب، ويدخل في المقوَّم المثلي الجزاف.

واختلف إذا طلب المغصوب منه في الجزاف أن يقضي له بمكيلة أو وزن يتحقق أن الجزاف المستهلك لا يقصر عنها - على قولين: أحدهما تمكينه من ذلك؛ لأن الأصل القضاء فيه بالمثل، وإنما عدل عن ذلك للقيمة لامتناع الاطلاع على حقيقة المماثلة في المكيل والموزون، فإذا طلب ما هو أقل من حقه لم يمنع من ذلك.

والقول الثاني أنه لا يمكن من ذلك؛ لأن نفس الاستهلاك أوجب القيمة، فليس للمغصوب منه تغيير هذا الحكم.

فَإِنْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ خُيِّرَ بَيْنَ الْقِيمَةِ مِنَ الْجَانِي يَومَ الْجِنَايَةِ وَبَيْنَ مَا عَلَى الْغَاصِبِ

يعني: وإن أتلف أجنبي المغصوب - يريد غير الغاصب - يوم الجناية، فربه مخير إن شاء أخذ القيمة من الجاني يوم الجناية، وإن شاء أخذ ما على الغاصب، وأبهم المصنف في قوله: (وَبَيْنَ مَا عَلَى الْغَاصِبِ) قدر الإدخال على المشهور ومقابله: وإنما خير؛ لأن كل واحد منهما حصل منه سبب الضمان هذا بالغصب وهذا بالتلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>