أصبغ: ووجهه أن الزرع إنما نشأ عن الأرض فكانت كالحيازة له وحوزها كحوز صاحبها، فكان بمنزلة من باع سلعة وفلس مشتريها أو مات وهي في يد بائعها، ورأى في المشهور أن الزرع لما نشأ عن الأرض فغايته أن يكون كأنه باع الطعام فيكون أحق به في المفلس فقط.
وقوله:(مَعَ الأَجِيرِ السَّاقِي ...) إلخ. يحتمل أن يتعلق بـ (أَحَقُّ) فيكون القولان في الأجير مفرعين على كل من القولين السابقين، ويحتمل أن يتعلق بـ (بأحق) المتقدم في كلامه ثانياً؛ أي: وقيل هو أحق في الفلس دون الموت مع الأجير الساقي، فيكون القولان مفرعين على القول الثاني.
ويعضد هذا لاحتمال الثاني ما نقله ابن يونس: أن ابن القاسم وأشهب رويا أن مكري الدابة أحق من سائر الغرماء في الفلس دون الموت، ثم اختلفا في مكري الأرض والأجير؛ ففي الموازية من رواية أشهب والواضحة من رواية مطرف: أنهما يتحاصان. وروى ابن القاسم: أن صاحب الأرض مقدم على الأجير، ثم الأجير مقدم على الغرماء، ويعضد الأول قول أصبغ: اختلف أصحابنا. وأحب ما فيه إليَّ أن أجير الزرع ومكري الأرض يتحاصان، وأنهما يبدآن على الغرماء في الموت والفلس، وقاله ابن الماجشون.
خليل: وهذا الاحتمال أقرب؛ لأنه تفريع على القول الذي قدمه. نعم يعترض عليه لتقديمه غير مذهب المدونة.
ومنشأ الخلاف بين القولين في تقديم مكري الأرض على الأجير، [٥٣١/أ] هل الزرع متكون عن الأرض فيكون صاحبها أحق به، أو إنما نشأ عن الأرض وفعل الأجير فيكونان متساويين، والله أعلم.
وزاد في البيان قولاً بأن الأجير مقدم على صاحب الأرض، وقولاً آخر بأنه لا تقدمة لصاحب الأرض ولا للأجير على الغرماء، بل هما أسوة الغرماء، وعزاه اللخمي للمخزومي.