للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَلَوْ طُحِنَتِ الْحِنْطَةُ، أَوْ خُلِطَتْ بِمُسَوِّسٍ، أَوْ عُمِلُ الزُّبْدُ سَمْناً، أَوْ فُصِّلَ الثَّوْبُ، أَوْ ذُبِحَ الْكَبْشُ؛ فَاتَ ....

أي: فات الرجوع، وهذه مسائل وقعت في المذهب منصوصة كما ذكرها المصنف، وحكم فيها بالفوت؛ لأن الحنطة إذا طحنت والزبد إذا عمل سمناً يزول عنهما اسم الحنطة والزبد وسميا دقيقاً وسمناً ويزول عنهما الغرض المقصود، وكذلك أيضاً يزول المعنى المقصود إذا خلط الطيب بمسوس أو ذبح الكبش وليس دبغ الجلد فوت على المشهور، خلافاً لابن وهب في أحد قوليه، وعلى هذا المعنى الذي أشرنا من اعتبار الغرض المقصود نبه الإمام فيما رواه مطرف عنه لمَّا سئل عمن اشترى ثياباً فقطعها، فقال: لا أدري، لكن إن اشترى جلوداً فقطعها نعالاً أو خفافاً فذلك فوت. فلم يقف في قطع الجلد نعالاً لما كان الغرض في الجلد خلاف الغرض في النعال، وأشكل الأمر بالنسبة إلى تفصيل الثياب.

وحكى المازري عن بعض الشيوخ: أن خلط النقي بالمغلوث، والجديد بالمسوس لا يمنع البائع من الرجوع ويقومان ويكون البائع أحق بما ليس له من القيمة، وأشار المازري إلى أنه إنبنينا على أن التفليس كنقض بيع من أصله أجزنا أخذ الشاة بعد ذبحها، والقمح بعد طحنه، والزبد بعد كونه سمناً، وإن قلنا: إنه هو ابتداء بيع، منعنا ذلك كله. وأجري على هذا الأصل ما إذا باع رطباً ثم يبس، فقال مالك: لا يجوز أخذه. وقال أشهب بجوازه. وأما إذا باع عبداً فأبق عند المشتري ثم فلس، فذهب أصبغ إلى أن بائعه ليس له طلبه، وترك المحاصة بناء على أن الأخذ من المفلس كابتداء بيع، وذهب ابن القاسم وأشهب إلى جواز طلبه، واختلف إذا لم يجده؛ فقال ابن القاسم: ليس له الرجوع إلى المحاصة لأنه تركها، وقال أشهب: له الرجوع إليها. والمسوِّس بكسر الواو المشددة.

<<  <  ج: ص:  >  >>