لما ذكر أن للرجوع شروطاً شرع في بيانها وذكر ثلاثة شروط:
الأول: ألا يفدي الغرماء بأن يدفعوا له ثمنها من مال المفلس أو من أموالهم، فإن فعلوا ذلك فلا مقال للبائع ولا للمفلس، وهذا مذهب الموازية.
ابن الماجشون: زاد في الموازية أو يضمنون الثمن وهم ثقة أو يعطونه حميلاً، والقول بأن ذلك ليس لهم من أموالهم لابن كنانة. ولأشهب ثالث: ليس لهم بالثمن حتى يزيدوا على الثمن زيادة يعطونها من دينهم وتكون السلعة لهم نماؤها وعليهم ثواؤها، ومذهب المدونة أن نماء السلعة للمفلس ومصيبتها منه. وقال ابن الماجشون: الربح والنماء له والخسارة على الغرماء. وقال ابن وهب: إن لم يرض المفلس بفدائها فنماؤها له؛ لأنها على ملكه وهلاكها منهم. وقال ابن الماجشون: لأنه تبرأ منها للبائع في دينه، وإن رضي فيكون نماؤها له ومصيبتها منه.
فرع:
إذا تبرع إنسان بقضاء ما على غيره أجبر الطالب على أخذه إذا كان قصد الدافع التخفيف عمن عليه الدين، ولم يقصد هبة صاحب الدين. وقال الشافعي: لا يجبر؛ لأن ذلك هبة، ولا يجبر أحد عليها، كذا اشار المازري في نقل المذهبين، فانظره.
وَلَوْ قَبَضَ بَعْضَ الثَّمَنِ فَلَهُ رَدُّهَا وأَخذُهَا إلى الضَّرْبِ بِالْبَاقِي
كما لو باعه داراً بألف وقبض منها خمسمائة، فإما أن يتركها أو يحاصص بالخمسمائة الباقية، وإما أن يرد الخمسمائة ويأخذ داره، فإن تعدد المبيع؛ كما لو باع عبدين بعشرين ديناراً فاقتضى من ثمنهما عشرة وباع المشتري أحدهما وبقي الآخر عنده وفلس، فأراد البائع أخذ العبد الباقي منهما، فليس له أخذه إلا أن يرد من العشرة التي اقتضاها خمسة؛