ما في الموازية محمول على إيجاب الزيادة، لأنه قال فيها: لقيته، فقال: نقصتني من صرف الناس فزدني فزاده، أنه يفهم إذا زاده فقد ألحقه بصرف الناس وقد أوجب الزيادة.
والتأويل الثاني ذكره صاحب النكت عن بعض شيوخه: أن الخلاف مبني على تحقيق فرض المسألة، فإن قال له: أزيدك هذا الدرهم فوجده زائفاً فلا يرده، لأنه إنما رضي أن يهبه ذلك الدرهم على ما هو به فلا يلزم بغيره. وإن قال: أزيدك درهماً فعليه البدل، لأنه قد أوجب على نفسه درهماً فعليه البدل، لأنه قد أوجب على نفسه درهما جيداً، وإليه ذهب اللخمي.
ورد المازري هذا التفصيل، لأن في المدونة ما يمنعه، لأنه قال فيها: فزاده درهماً نقداً أو إلى أجل، والذي إلى أجل هو في الذمة. وقد نص على أنه ليس عليه بدله. وفي كلام عبد الحق إشارة إلى الجواب، لأنه تأول قوله: إلى أجل. على أنه قال له: أنا أزيدك، أو قال: تأتني عند أجل كذا وكذا، ثم عند الأجل أتاه فأعطاه درهماً فوجده زائفاً فليس عليه بدله، لأنه رضي بما دفعه غليه ولم يلزم غيره، بخلاف قوله: أزيدك درهماً. فإنه يحمل على الجليد.
وقال القاضي إسماعيل: الزيادة كالجزء يبطل الصرف بتأخرها كما لو تأخر جزء من الصرف، ونص كلامه في المبسوط: إن كان الذي زاده بعد المصارفة إنما هو لإصلاح ما مضى ولمخالفة أن ينتقض ما بينهما، أو لمعنى من المعاني، فإن الزيادة تبطل الصرف. واستدل بقول عبد الملك في رجلين اشتريا شاة من رجل، ثم إن البائع وضع لأحدهما شيئاً من الثمن، فإن كان ذلك شيئاً يشبه إصلاح ذلك البيع فهو بينه الشريكين، وإن كان لا يشبه إصلاح ما مضى، مثل أن يحط عنه أقله أو أكثره فإنما هي هبة وليست من البيع. فإذا تقرر هذا فادعى بعض من تكلم على هذا المحل أن الحق هنا حمل كلام المصنف على الوجه الثاني، أي: هل ينتقض الصرف بتأخيرها؟ قال: وهو مذهب القاضي إسماعيل. أو لا ينتقض؟ قال: وهو مذهب المدونة.