للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عليه مقراً بالغصب فهو جائز باتفاق. وإن كان ممتنعاً من دفعه وهو ممن لا تأخذه الأحكام مقراً أو غيره لم يجز بيعه من غيره اتفاقاً. وإن كان منكراً وهو ممن تأخذه الأحكام وعليه بالغصب بينة فقولان، بناء على القولين في اشتراء ما فيه خصومة.

ابن رشد: والمشهور منهما المنع، لأنه غرر، وأما من بيعه من غاصبه فجعله ابن رشد على ثلاثة أوجه: الأول: أن يعلم أنه عازم على رده. والثاني: أن يعلم أنه غير عازم على رده وإن طلبه ربه. والثالث: أن يشكل أمره. فالأول يجوز باتفاق، والثاني عكسه، والثالث فيه قولان. قال: وإلى هذا ترجع الروايات. انتهى.

وبالفساد قال مطرف ورواه عن مالك، [٤٣٤/ب] وبذلك حكم القاضي ابن بشير في جارية بقرطبة لم يتم السلطان شراءها حتى طحنت لصاحبها ستة أشهر بعد ردها إليه من الغاصب، لئلا يكون بيع المضغوط، والجواز هو ظاهر قول مالك في العتبية، ورواية عيسى عن ابن القاسم في كتاب الغصب.

ابن عبد السلام: وأكثر نصوصهم أنه لا يجوز البيع للغاصب، إلا بعد أن يقبضه ربه ويبقى بيده مدة طويلة حدها بعضهم بستة أشهر فأكثر، ورأى أن بائعه إذا باعه على غير ذلك فهو مضغوط، أي: يبيعه ببخس مكرها استخلاصاً لبعض حقه، والذي في المدونة جواز ذلك.

خليل: وكذلك لا يجوز أيضاً أن يبيعه من غير الغاصب إذا كان المشتري يقدر على خلاصه بجاهه، لأنه يأخذه ببخس فيكون من أكل المال بالجاه.

تنبيه: قال في المدونة: ولو باعها ربها من رجل غير الغاصب ممن رآها وعرفها كان نقضاً لبيع الغاصب. أي: إذا اشتراها شخص من الغاصب غير عالم، وظاهره جواز بيعها من غير الغاصب، وهو خلاف ما ذكره المصنف، إلا أن يتأول على أن ربها لم يبعها من غير الغاصب إلا بعد تمكنه من أخذها، ولهذا قال الشيخ أبو الحسن: إن الشيوخ يقولون إن معناها: إذا سلم من شراء ما فيه خصومة.

<<  <  ج: ص:  >  >>