الثاني: قال أبو الحسن: قوله: وأما إذا أحرمت فلتنفد، ظاهره أنها أحرمت قبل موت الزوج، ولا إشكال في هذا وهي غير عاصية، ولو أحرمت بعد موت الزوج نفدت وهي عاصية، بخلاف المعتكفة فإنها لا تنفد إذا أحرمت بالحج وتبقى على اعتكافها حتى تتمه، إذ لو قيل أنها تخرج إلى الحج الذي أحرمت به لبطل اعتكافها، لأنه لا يكون إلا في المسجد، بخلاف الإحرام فإنه لا يخل بجملة العدة وإنما يخل بالمبيت.
يعني: وإن سافر بها في غير الحج فإن ذلك على وجهين: أحدهما: أن يخرج لا للسكنى بل ليقيم شهراً أو شهوراً كما لو خرج لرباط أو زيارة أو تجارة. والثاني: أن يخرج للإقامة رافضاً لسكناه بمحله. وذكر المصنف أنها في الوجه الأول ترجع وأطلق، ونص في المدونة على أنها ترجع ولو وصلت إلى المكان الذي خرجت إليه. واختلف إذا قامت بالمكان الذي خرجت إليه الأشهر أو السنة، فذكر التونسي وغيره قولين: أحدهما: أنها ترجع، وهو ظاهر المدونة. والثاني: أنها لا ترجع، وهو قول مالك في الموازية. ابن عبد الحكم: والأول أحسن. وقال اللخمي: الثاني أحسن.
وقوله:(وَإِنَّمَا تُؤْمَرُ بِالرُّجُوعِ .... إلخ) يعني: وحيث أمرناها، إنما ذلك حيث يكون لرجوعها فائدة بأن تعتد في منزلها، وأما إن كانت لو رجعت لا تدرك منزلها إلا بعد فراغ العدة فلا ترجع لعدم الفائدة حينئذ في الرجوع. وظاهر كلامه إذا بقي من العدة شيء أنها ترجع ولو أدركت يوماً واحداً، وهو ظاهر المدونة، لكن قيد ذلك اللخمي بأن تدرك ما له قدر، وقال: وإن لم يبق من العدة إلا ما لا قدر له لم ترجع، وتعتد في موضعها إن كانت