عبدُ الوهاب: وكان أبو بكر الأبهري وغيرُه يُنْكِرُه. ويقول: كان مالكٌ أتقى الناس لله أن يُسامِحَ بدينه أحداً أو يُرَاعِيَه، وقد نظرتُ في هذا الكتابِ فوجدتُه يَنْقُضُ بعضُه بعضُاً، ولو سمع مالكٌ مَن يتكلمُ بما فيه لأوجَعَه ضَرْباً. وقد سُئِلَ ابن القاسم عنه فقال: لا يُعْرَفُ لمالكٍ كتابُ سِرٍّ.
قوله:(فَأَخَّرَ الْغَسْلَ) أي بقدرِ ما يجفُّ فيه أعضاءُ الوضوءِ. ومقابلُ الْمَشْهُورِ يأتي على أن الموالاةَ ليست بواجبةٍ.
وقوله:(فَأَخَّرَ) يريد عامداً، وأما الناسي فيبني طال أو لم يَطُلْ.
وبالجملةِ فهذا مِن لزومِ الموالاةِ، ومفهومُه أنه لو غَسَلَ في الحالِ أجزَأه، وهو كذلك. ورُوي عن مالكٍ في مختَصر ما ليس في المختصر قولٌ بعدمِ الإجزاءِ لبُعْدِ ما بينَ أولِ الطهارةِ وتمامِها. وهو بعيدٌ، إِذِ الطهارةُ قد تَمَّتْ بدليلِ صحةِ ما وقع مِن العبادة بها قَبْلُ، وإنما غَسَلَ الآن جَبْراً لما وَقَعَ فيها مِن الخلل بسببِ النَّزْعِ، وأما وجوبُ غسلِ الرِّجلين إذا نَزَع أحدَهما، فإنهما كعضوٍ واحدٍ، بدليلِ أَنَّ مَن أوجبَ الترتيبَ لم يُوجبه فيما بينهما، وأجاز أصبغُ أَنْ يَغسل إحداهما، ويمسح الأخرى.
وأشار المازري إلى أن هذا الخلافَ يجري على الخلاف في المكفِّرِ إذا أَطْعَمَ خمسةَ مساكين، وكسى خمسةً.
وحَصَّلَ ابنُ رشد في هذه المسألة وفي نزعِ أحدِ الأعليين ثلاثةَ أقوالٍ: جوازُ المسح على الرِّجلِ الواحدةِ والخفِّ الأعلى الواحدِ, وهو قوله في العتبية. والثاني لابن حبيب: لا