قال في البيان: وهو المعلوم من مذهب مالك في المدونة وغيرها أنه يختبر المرتين والثلاث.
ابن عبد السلام: ووقع في المذهب روايات بالتحديد أضربنا عنها لمخالفتها الأصول.
اللخمي: وروى ابن وهب أنه قال: يؤخر وإن أقام في الاختبار حتى تحيض ثلاثة حيض وأكثر، ويوقف أيضاً، فإن قال: أنا أفيء خلي بينه وبينها، إلا أن يكثر ذلك فتطلق عليه، وروى أشهب أنه قال: يخلى بينه وبينها فلو لم يف حتى انقضت عدتها من يوم قال: أنا أفيء، طلقت عليه طلقة بائنة.
(الْفَيْئَةُ) لغة الرجوع، والمراد بها [٣٧٨/ ب] هنا الرجوع إلى ما كان ممتنعاً منه بسبب اليمين وهو الجماع، واحترز بالطوع من المكره، وبالعقل من المجنون، فإن وطئهما ليس فيئة.
وهكذا في الجواهر، لكنه خلاف ما نص عليه ابن المواز وأصبغ في العتبية، ونقله صاحب تهذيب الطالب واللخمي وصاحب البيان أن وطء المجنون في حال جنونه فيئة، قال في البيان: لأنها نالت بوطئها في جنونه ما تنال بوطئه في صحته. ووقع في قول أصبغ زيادة أنه يحنث بالوطء ويكفر عنه وليه. قال في البيان: وهو ضعيف لأن فعله في حال الجنون كلا فعل فإذا وطئ في حال الجنون وجب أن لا يحنث بذلك، ولا تجب به الكفارة لقوله عليه السلام:"رفع القلم عن ثلاث"، وعد فيهم المجنون.
وقياس ما قاله أهل المذهب في المجنون أن يكون وطء المكره فيئة، بل أولى، ألا ترى أنه اختلف في حد الواطئ مكرهاً ولم يختلف في سقوط الحد عن المجنون، وأيضاً فإنه قد قيل عندنا أن الإكراه إنما يكون في القول لا في الفعل والله أعلم.