للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التونسي: ولم يبين في المدونة هل ماله قريب الغيبة أو بعيدها؟ فأما القريب فصواب، وأما البعيد فهو ابن السبيل يجوز له أخذ الزكاة، فما الذي يمنع أن يكفر بالصوم؟ لا سيما إن أمكن أن يذهب ماله، وعند أشهب في البعيد الغيبة أنه يكفر بالصوم. انتهى.

وكذلك حمل اللخمي المدونة على الإطلاق، وأخذ من قوله في المدونة: "ويتسلف" أن الكفارة على الفور. اللخمي: وأصل ابن القاسم أنه ينتظر وإن بعد؛ لأنه قال في المظاهر: لا يجزئه إلا الصوم، وإن طال مرضه. وقال أشهب: يجزئه الإطعام إن طال مرضه. فناقض اللخمي ما له هنا بما في الظهار.

أبو الحسن: وتأول بعض الشيوخ معنى قوله هنا: "فليتسلف إن أراد" فيقوم منه أن الكفارة على التراخي ويطابق ما في كتاب الظهار. ابن المواز: قال مالك: لا يصوم الحانث حتى لا يجد قوته، أو يكون في بلد لا يعطف عليه فيها. وقال ابن مزين عن ابن القاسم: إن كان له فضل عن قوت يوم ما يطعم أطعم، إلا أن يخاف الجوع وهو في بلد لا يعطف عليه فيها فليصم، واستحب التتابع في الصيام لكونه أقرب لبراءة الذمة.

وقوله: (وَالطَّعَامُ كَالْفِطْرِ) أي: وجنس الطعام كجنس زكاة الفطر، وهكذا قال الباجي، ولم أر أصحابنا يفرقون بين البابين، وظاهر مسائلهم المساواة، ابن عبد السلام: وتحقيق النقل أن هذا الباب وباب زكاة الفطر متقاربان لا متساويان.

فَإنْ أَعْطَى خُبْزاً غَدَاءً أَجْزَأَهُ مِنْ غَيْرِ إِدَامٍ عَلَى الأَصَحِّ

إجزاء الغداء والعشاء عليه جمهور العلماء. وقال الشافعي: لا يجزئ، وهو ظاهر قول يحيى بن يحيى: لا أعرف في هذا غداءً ولا عشاءً. قال في المدونة: ولا يجزئ غداءً دون عشاء ولا عشاء دون غداء ويطعم الخبز مأدوماً بزيت ونحوه. وظاهره اشتراط الإدام وكذلك قال ابن عبد السلام: مذهب المدونة اشتراطه، ويحتمل أن يكون على الأولى فلا يكون

<<  <  ج: ص:  >  >>