قوله:(وإن أكل .... الخ) أي: إذا بنينا على أن ما صيد أو ذبح لمحرم لا يأكل منه حلال ولا حرام، فأكل منه محرم، فقال ابن القاسم: إن كان عالما أنه صيد من أجله أو من أجل محرم غيره فالجزاء عليه. وإن لم يعلم فلا شيء عليه وإن صيد من أجله. وبه قال أشهب؛ لأن أكله مع علمه لصيده كرضاه به. والقول الثاني رواه محمد عن مالك: أن عليه الجزاء بشرط أن يكون هو الذي صيد له برضاه، وتتميمه الفساد.
ابن عبد البر: ولم يختلف قول مالك في المحرم يأكل من صيد يعلم أنه صيد من أجله أن عليه جزاء ذلك الصيد. والقول الثالث لأصبغ: فلا جزاء على الآكل؛ لأنه لم يقتله والله عز وجل إنما أوجب الجزاء على القاتل، ولأن غاية أمره أن يكون أكل ميتة، ولا جزاء في أكلها. ولما اتضح هذا لأصبغ صرح بخطأ ما عداه. وظاهر كلام المصنف نفي الخلاف إذا أكله المحرم غير عالم سواء صيد من أجله أم لا، وإنما ذلك إذا أكله محرم ولم يصد من أجله. وأما إن أكله من صيد لأجله فذكر اللخمي فيه ثلاثة أقوال يفصل في الثالث بين أن يكون عالما أو غير عالم.
لما انقضى كلامه في الصيد والصائد أخذ يتكلم في المصيد، وذكر أنه يجوز ذبح الإوز والدجاج؛ أي: لأنه إنما يحرم الصيد. قال في العتبية: ولا بأس أن يأكل بيض الدجاج والإوز، ولا يأكل بيض الحمام. قال في المدونة: وكره مالك أن يذبح المحرم الحمام الوحشي وغير الوحشي والحمامة الرومية التي لا تطير وإنما تتخذ للفراخ؛ لأنها من أصل ما يطير. انتهى. وهذه الكراهة تحتمل أن تكون على بابها، فإن فعل فلا جزاء، وهو مذهب مالك في كتاب ابن حبيب، ويحتمل أن تكون للمنع، فإن فعل فعليه الجزاء وهو قول مالك في الموازية وقول أصبغ.