للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأنه أكل ميتة ولا شيء على آكلها، وهذا هو المشهور. ووقع في رواية أشهب توقف في وجوب الجزاء إذا أكل المحرم من الصيد بعد ذبحه، أو أكل منه محرم آخر، وهذا هو مذهب الجمهور. وذهب جماعة إلى أنه ليس بميتة، ودليلنا قوله تعالى: (لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ (والنهي يدل على الفاسد. وما رواه البخاري ومسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج حاجا، فخرجوا معه، فصرف طائفة منهم، فيهم أبو قتادة فقال: "خذوا ساحل البحر حتى نلتقي". فلما انصرفوا أحرموا كلهم إلا أبا قتادة لم يحرم، فبينما هم يسيرون إذا رأوا حمر وحش، فحمل أبو قتادة على الحمر، فقعر منها أتانا، فنزلنا وأكلنا من لحمها، ثم قلنا: أنأكل لحم صيد ونحن محرمون؟ فحملنا ما بقي من لحمها، فأدركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألناه عن ذلك فقال: "هل منكم أحد أمره أن يحمل عليها أو أشار إليها؟ " قالوا: لا. قال: "كلوا ما بقي من لحمها". وفي رواية: "هل معكم منه شيء؟ " فقلت: نعم، فناولته العضد فأكله. فيه دليل على أنه لو أمره أحد أن يحمل، أو أشار إليها لم تؤكل. وفي أبي داود: "صيد البر لكم حلال، ما لم تصيدوه أو يصطاد لكم". زاد الترمذي: "وأنتم حرم". فإن قلت: يشكل مذهب الجمهور بالشاة المغصوبة يذبحها الغاصب؛ لأنها ليست عندهم بميتة، فلا فرق بينهما وبين الضب يذبحه المحرم. فالجواب: أن النهي في الصيد [٢٠٧/ب] عن القتل، والذبح يستلزمه، بخلاف القصب. ولأنه لما كان قصد الشارع الزجر عن قتله كان جعله ميتة على من صاده موافقا لذلك؛ إذ لو لم يجعل ميتة لتذرع الناس إلى إمساك الصيد وقتله ويعطون جزاؤه لخفة أمره؛ لأن طالبه غير معين، ولا كذلك المغصوبة، فإنها صورة نادرة، وطلبها معين.

وقوله: (وَكَذَلِكَ الْبَيْضُ) أي: محرم، ولا جزاء على أكله بعد كسره. وانظر هل يحكم لقشر البيض بالنجاسة أم لا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>