الثاني: لو وهب له صيد فقال ابن عبد البر: أجمع العلماء على أنه لا يجوز للمحرم قبوله بعد إحرامه ولا شراؤه ولا اصطياده ولا استحداث ملكه بوجه من الوجوه لعموم قوله تعالى: (حُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً (. ولحديث ابن جثامة الذي رواه مالك: أنه أحدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم حمارا وحشيا وهو بالأبواء أو بودان فرده عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما في وجهي، قال:"إنا لم نرده عليك، إلا أنا حرم". واختلف في المحرم يشتري الصيد، فقيل: الشراء فاسد، وقيل: صحيح وعليه أن يرسله. ابن عبد البر: وروي في هذا الحديث أنه أهدي له لحم حمار وحشي، وفي رواية عضدا من لحم صيد. انتهى. وبصحة الشراء قال ابن حبيب، قال: وإن رده على الحلال فعليه جزاؤه. قال الباجي: قوله: أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم حماراً وحشياً هكذا رواه الزهري عن عبد الله بن عباس، وهو أثبت الناس فيه وأحفظهم عنه. انتهى. وكذلك ذكر ابن راشد أنه لا يجوز للمحرم قبول الصيد. وقال الباجي: مسألة ومن أهدي له صيد في حال إحرامه فقبله لم يكن له رده – على قياس المذهب؛ لأنه قد ملكه بالقبول على قول ابن القصار وقد خرج عن ملك الواهب، وإن لم يدخل في ملك الموهوب له على مذهب القاضي أبي إسحاق فليس له أن يرده على واهبه إن كان حلالاً.
يعني: أنه لا فرق على المشهور في وجوب الجزاء بين أن يقتل الصيد عمداً أو خَطَأً أو نسياناً. وقال ابن عبد الحكم: لا جزاء في غير العمد ولا في العمد إذا تكرر، وإنما يجب بالأول، واحتج بمفهوم الآية. والجواب أنها خرجت مخرج الغالب.