وقوله:(لا يَاكُلُهُ) أي: وعليه الجزاء، وهكذا حكى اللخمي عن ابن القاسم. وقال أشهب: يؤكل ولا جزاء عليه. ووقع في بعض النسخ تصريح بهذين القولين، ونصها: فقال ابن القاسم: لا يأكله وعليه الجزاء، وقال أشهب: يأكله ولا جزاء عليه.
ابن عبد السلام: ووافق أشهب عبد الملك بشرط البعد من الحرم، ولا أدري كيف يتصور البعد في رمية السهم.
قوله:(فَلا جَزَاءَ) أي: وليست كالرمية؛ لأن الكلب إذا كان له طريق للصيد من غير الحرم لم يكن صاحبه منتهكاً حرمة الحرم، وتبع المصنف هنا ابن شاس. وقال اللخمي بعد أن ذكر القولين المتقدمين في السهم: وإرسال الكلب كإرسال السهم، وأنه لا جزاء في الجميع ويؤكل أحسن؛ لأن المنع إنما يكون في الصيد إذا كان في الحرم، قال وإن رمى صيداً في الحل والصيد ثم في الحل ثم تحامل فمات في الحرم، فإن كان أنفذ مقاتله في الحل أكل، واختلف إذا لم تنفذ مقاتله، فقال أشهب في العتبية: يؤكل. وقال أصبغ في الموازية: لا يؤكل، ولا جزاء عليه. وقول أشهب أَبْيَن؛ لأنه إنما مات من تلك الرمية بالحضرة فكانت مقتلاً، وليست بمنزلة من ضرب رجلاً فلم تنفذ مقاتله حتى قتله آخر، فإن الثاني يقتل به؛ لأن الضرب من رجلين وهذه ضربة واحدة وهي التي قتلته. انتهى.
التونسي: والأشبه إذا لم ينفذ مقاتله في الحل فمات في الحرم أن عليه الجزاء ولا يؤكل. وقد اختلف إذا وقعت الضربة وهو عبد ثم أعتق فمات: فقيل: دية (حريقة) ولا قود في ذلك وهو قول ابن القاسم. وقيل: قيمة عبد وهو قول أشهب. وأما لو أنفذ مقاتله في الحل ثم مات في الحرم فالقياس ألا جزاء عليه، إلا ما روي عن ابن القاسم فيمن ضرب رجلا فأنقذ مقاتله ثم ضربه آخر فقتله، قال: يقتل الثاني ولا قتل على الأول انتهى. وكلام اللخمي يرد على هذا التخريج.