وإذا كان هذا في المنافق غير المؤمن من الأساس فكيف بالمؤمن المسلم المنقاد؟
(٤)
إن هذا يدعوني للسؤال عن مفهوم النفاق وتعريفه لدى صاحب هذا الاستشكال.
فما مفهوم النفاق؟
لأن كل المعطيات السابقة والآتية تثبت أن المسلمين لا يتحولون إلى هذا النفاق بسبب إنكار المنكر أو بتطبيق الشريعة، فهو غير مؤدٍ بتاتًا إلى النفاق، فالنفاق أن يسر الإنسان بالكفر ويظهر الإيمان، فما علاقة هذا بإنكار المنكرات أو تحكيم الشريعة؟
نعم، هذا سيكون في بعض الأحكام الشرعية ومن فئة قليلة لديها موقف سلبي من الدين نفسه وتريد الطعن في الإسلام لكنها لا تستطيع ذلك خشية العقاب فتلجأ إلى النفاق، وهذا موقف صحي وقوي، فالاستتار بكفره وعدائه خير من إعلانه الاستخفاف والاستهتار.
فالنفاق لا يكون بالإلزام.
بل الواقع أن النفاق إنما يكون حين يضعف الإلزام.
فالمنافقون يخفون غيظهم وحنقهم على الإسلام والمسلمين، وإذا وجدوا مجالًا أو وضعًا مناسبًا استغلوه وأظهروا الرجف والتشكيك، لهذا كان علاجهم القرآني بالتهديد والوعيد {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا (٦٠)} [الأحزاب: ٦٠] فالقوة والإلزام هي التي تحمي المجتمعات