للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بصراحة أجد أن تعداد هذا ترف علمي لا حاجة له، لأنه من البدهيات التي يعرفها كل الناس، فلم يكن سؤال (الإلزام) بالشريعة مطروحًا في تلك العصور أصلًا، لأنه بدهي وضروري من أحكام الإسلام، إنما طرح هذا الموضوع بسبب ضغط مفاهيم الثقافة العلمانية المعاصرة التي حركت محاولات التوفيق والتلفيق والموائمة.

- قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: (من بدل دينه فاقتلوه) (١)، وقال عليه الصلاة والسلام: (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث وذكر منها التارك لدينه المفارق للجماعة) (٢)، وقد اعتضد هذا الحكم بعدة تطبيقات عن صحابة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كعلي بن أبي طالب ومعاذ بن جبل وأبي موسى الأشعري وابن مسعود وابن عباس وغيرهم، وانعقدت عليه كلمة عامة فقهاء الإسلام.

أعرف جيدًا أن لبعض المعاصرين تفسيرًا مختلفًا للحكم في قول لا يعرف له قائل من قبلهم.

لكن بغض النظر عن صحة قولهم أو فساده، ما تفسيرهم لاتفاق كافة الفقهاء على هذا القول؟ هل كان الفقهاء ينشرون النفاق ويعمقونه في المجتمع من حيث يظنون أنهم يطبقون الإسلام؟

وعلى فرض أن بعض الفقهاء لا يقولون بحدّ الردة، فإنهم كانوا يقولون بسجنه أو استتابته، يعني في النهاية هو منع وإلزام وليس فيها حرية مطلقة للردة.

مع ملاحظة أن دافع النفاق هنا قوي جدًا، لأنك أمام شخصى أعلن كفره،


(١) أخرجه البخاري برقم ٦٩٢٢.
(٢) أخرجه البخاري برقم ٦٨٧٨، ومسلم برقم ١٦٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>